“أخوات شكسبير” وقمع النساء في فلسطين

“أخوات شكسبير” وقمع النساء في فلسطين

'أخوات شكسبير' وقمع النساء في فلسطين

التقاء امرأتين بعقليتين مختلفتين يعتبر صداماً كما هو الحال بالتقاء عقلية امرأة ورجل، حيث تبدأ كل واحدة منهما في محاولة تغيير الأخرى… هذا ما حدث في مسرحية «أخوات شكسبير»، فالمسرحية تذكرنا بالمسلسل الشهير «بكيزة وزغلول»؛ والذي التقت فيه سيدتان، وكل واحدة لها نظرتها في الحياة والإصرار على عدم التغيير؛ حتى رضخت الأولى بجوامدها الفكرية للثانية المنطلقة والمحبة للحياة والآخذة كل شيء ببساطة.
نساء وحيدات
بعد بحث مطول لمدة أربعة أشهر، أعدته الباحثة الفلسطينية ديما غريب، حول النساء غير المرتبطات في فلسطين، وكيفية نظرة المجتمع إليهن، وكيفية نظرتهن إلى أنفسهن، تم تعريب المسرحية التي كتبها وأخرجها واختار موسيقاها الفنان الإيطالي بيترو فلوريديا؛ لتصبح ملائمة للجمهور العربي.
رأساً على عقب
تدور أحداث المسرحية حول سميرة؛ وهي أستاذة جامعية في الأربعين من عمرها، تعيش وحدها في منزل مستقل، حيث تكرّس حياتها للتعليم والبحث في مجال الأدب، وذات ليلة تجد سميرة نفسها أمام امرأة أخرى تداهم بيتها كالكابوس، فنسمة امرأة متمرّدة لديها الكثير من الأحلام الشخصية والطموحات العملية في مجال تصميم الأزياء، وتضطر الظروف نسمة للعيش في بيت سميرة لفترة قصيرة، ولكنّها تقلب حياتها رأساً على عقب، فنسمة الشابة المغامرة تقود سميرة ونساء أخريات في رحلة لاكتشاف أسلوب حياة مختلف ينصف المرأة، ويعطيها حقها الطبيعي في العيش بمساواة وعدل، فليس معنى أن تكون المرأة مبدعة ومثقفة وحاصلة على درجات علمية عالية أن تحرم نفسها من حقها الطبيعي في الحب والحياة والانطلاق، وهذا ما درجت عليه نساء كثيرات انشغلن بالعلم على حساب حياتهن الشخصية.
النساء يضطهدن النساء
المسرحية تطرح إشكالية مهمة؛ وهي هل تضطهد المرأة من المرأة؟ فالمسرحية تريد القول بأن قمع المرأة لا يقتصر على الذكور فقط، بل تشارك فيه بعض النساء، فالدكتورة «سميرة» حاولت في البداية قمع «نسمة»؛ لأنها مشغولة بأبحاثها، وتكرّس وقتها لعملها كأستاذة جامعية، لكنها تجاوبت معها بعد جهد ومحاولات كثيرة؛ لإخراجها من نطاق العمل إلى رحابة الحياة.
أبطال المسرحية
أنتجت المسرحية من قبل مسرح «الحارة» الفلسطيني، وبالتعاون مع مسرح «دي لارجيني»، ومؤسّسة «أوكسفام» في إيطاليا، وبدعمٍ من الاتحاد الأوروبي على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني في القدس.
والممثلون الفلسطينيون الذين قاموا بأداء الأدوار هم: ميرنا سخلة، ريم تلحمي، رائدة أبو غزالة، وأديب الصفدي، ويعتبرون من وراد المسرح الفلسطيني، خاصة الفنانة والمطربة الرائعة ذات الصوت الشجي ريم تلحمي.
رأي ناقد فلسطيني
الناقد الفلسطيني جميل السلحوت له رؤيته الخاصة حول المسرحية، حيث قال: موضوع المسرحية يتمحور حول بحث المرأة عن حقها الطبيعي في العيش بمساواة وعدل، منطلقاً من قاعدة «النساء شقائق الرجال»، والمجتمع لا تستوي فيه الحياة إلا بتكاتف الرجل والمرأة، وإذا كان الشاعر الإنجليزي العظيم وليام شكسبير قد نبغ في عالم الشعر، وترك بصمات كبيرة خلدته، فإنه لو أتيحت لشقيقته الظروف نفسها التي أتيحت له كَذَكَر، فربما كان بإمكانها أن تبدع مثله أو تتفوّق عليه، لكن المجتمعات الذكورية لا تحترم إنسانية المرأة، ولا تسمح بإطلاق قدراتها، وهذا ينطبق على جميع الشعوب بطرق متفاوتة، فقبل سنوات وصفت الفنانة الأميركية أنجيلا ديفز أوضاع المرأة الأميركية بأنها «زنجي الرجل الأبيض في أنظمة التمييز العنصري». أما الدكتورة نوال السعداوي فقد انتقدت أساليب تربية الإناث في المجتمعات العربية بقولها: إنهم يربون الأنثى؛ لتهتم بجمالها لإرضاء الذكور، ويقيّدون عقلها؛ ليسلبوها إنسانيتها.

m2pack.biz