الليل أكثر إيقاعاً من العالم

الليل أكثر إيقاعاً من العالم

الليل أكثر إيقاعاً من العالم

في الليل
أمام شباك العتمة الوحيد
الذي يقصّ زجاج عزلته
وكلُّ العالم في الخارج؛
لن أطلّ على الصخب من فوقه
وعلى الأرجح لن أبصر أصواتاً تمشي
كأقدام مبتورة تضلّ نقطةً مجهّزة منذ القدم.
الآن في الليل، حيث الليل يطوي نفسه أمامي لينام،
كل الأغنيات التي كانت تتردد داخل صندوق وحيد في زمن وحيد، تُقال بلا كلمات.
في زاوية بين جدارين يتهاوى العالم
جرذان تنام على أسرارها
أطفال يركبون عيونهم كمشاهد ناقصة
مات الصراع الأزلي
ماتت الفكرة التي تقلق
التي كريشة تتأرجح على سور
البرد يلعبُ في أحشاء الأزقة كأم ليست أماً حقيقية
تحك الريحُ الشباك الذي تخرج منه ملايين الحشرات التي تطير لأول مرةٍ
وتنخفض كأغصان عالية لتلمح أسماءنا.
يدٌ تختبئ خلف يد
وفتاة تهدي رجُلَها قارباً ليذهب الى ما وراء الرؤية
يشبّ الحريق قبل ان يعودَ
ومنه بدأ العشبُ.
Siv storoy.
من الليل الى الليل
تتناقص الكلمات وتضمحل.
الليل أكثر إيقاعاً من العالم
اكثر اقتناعاً بحقيقته.
خلف التلة التي تأتي بعد الوحدة
تتألم حجرةٌ هي حجرة كرتونية
تسقط من فيلم كرتوني
و تدخل فيلماً كرتونياً آخر.
في النهر
ناقصةً تسير غيمةٌ
كأي نقص لا يكتمل
لا اسم تحتها كي تمطر
ولا ريف يحلم بشيء ينبغي حدوثه
الليل سيغلّف برفقٍ ورقةً ستسقط بعد قليل من شعاع يُدفَن.
لن أغادر هذا الليل لأدخل الليل المجاور.
بعد الليل بليلتين،
بعد الليل بليلة من نصف مساء
حشدٌ يخفي وجهي
أبصرُ كل شيء في الليل الذي يطولُ
وفي الليل الذي ينقص كأنّه من سنين تنتهي شجرةً تكونُ خلف العالم
كلحنٍ اقتُطع للتو من أنشودة قيلت لجنود
أمرّر كل الأغنيات وأردّد واحدةً
دون لحنها
أرددها دون أن يزداد صمتها.
كلماتي
الآن ستنحني كلماتي التي بلا طريق
على يدي،
كزهرة خفيضة أو سلسلةٍ خالصة من العبء،
أو مثل رموش محنطة في حداد.
لكنها ستعود إليّ
كأشياء تبهرني وتجعلني طفولياً إلى أبعد حد.
ستعود
لتتعالى وتتفتح كثمرة فتية،
مدسوسة في كرة ثلج رهيفة وهشة فوق الهضاب.
إلى أن تبلغَ لحظتي نهايتها
سأتتبعُ ممشاي
في فضاء يحتوي نفسه.
سأتمتع بالبقاء أعلى عتبات متباطئة
متأملاً ذرى الحقول السائرة في عري وهجها الخلاب؛
لأنسى ما أرّقني
وأنصتَ لما حبسني خلف ظلّه
كشمعة مطفأة بإصبع زهرية.
مكتومةً في قشعريرة خلف جدران نائية،
على مدرجٍ لا يدوم
ستدنو كلماتي في دوائر ليلية متوسّعة
لتترصّع على الأفواه ككلمات الحياة الأولى
التي ستُنسى الى الأبد
كما تُنسى أوشام مغروزة في جلود هادئة.
أخبئ ما أحب، وأتقرّب مما أكره
كصفحة بيضاء.
هكذا أكتشف سخطَ الأشياء وصميميتي تجاهها.
وفي النهاية
ما لم نعاينه بإلفة وزهد تام
لن يعود إلينا…
لن يعود ثانية الى هذي المكيدة الحيّة
من الرجاء والخزي…
Ferdinand hodler.
حلم
أريد أن أحلمَ بما لا يمكن أن ينوجد
في حلمٍ أو حقيقة.
أريد برغبة هائلة ذلك، لكني أريد بإحساس
اقل، التنعم بالمناظر التي لا تدوم؛
كصرخة ترتفع ثم تنعدم في سماء هادئة.
على الأرصفة الباردة
أريد لرؤياي، أن تأتي، طيفا مسحوبا من قشعريرة حلم اخر،
إلى
هذه الرقعة اللامعقولة من التفكير
في الموت أو النجاة.
أعباء تزحف من باطن كفي.
وطريقي إلى
دروب مقفلة بالبرد
يُضاء بخفقان رهيب.
لا شيء يأتي في الوقت الذي عليه أن يأتي.
وجوه خلفَ وجوه
كستائر متموّجة في عدسة ملساء؛
لا أصل من ضفاف حلمي
إلى ما أودّ.
مقرفصاً، داخل انفجار،
مثل بوصلة منحنية وزاهرة، لا أتوق لشيء
ولا يمكن تحريكي
صوب أمرٍ ما أو طريق صميمي.
وجهي
خلف نافذة قطار، أرتعب من رسمة وجهي
محنطةً على البلور.
إنها بدت فجأة، على ضفة ثانية مطبوعة
في زخرفة شجر عار.
غريباً عن نفسي
كأنّي لا أعرف ما هو لي،
أيقن: أنه وجه واحد، وعليّ أن اتركه ينحدر هكذا.
اتأمله
دون أن أعترف به،
كما يتأمّل حقل زهور حياته
كما تتمدد طمأنينة في قلب مكلوم.
لا حزن لوجه لا أعرفه.
فقط غموض محير
يجعلني أنبهر من أثره العميق
كزهرةٍ جذّابة.
فقدت إحساسي به، حين انوجدَ دفعة واحدة خارجاً عني،
مكشوط الملامح تحت قشور أشجار كهلة
منبسطة في برودة.

m2pack.biz