مناضل عنتر «الفيل الأزرق» كسر الحاجز النفسي بين الجمهور وفن الرقص الحديث

مناضل عنتر.. «الفيل الأزرق» كسر الحاجز النفسي بين الجمهور وفن الرقص الحديث

مناضل عنتر.. «الفيل الأزرق» كسر الحاجز النفسي بين الجمهور وفن الرقص الحديث

القاهرة «القدس العربي»: الرقص المسرحي الحديث هو أحد فنون التعبير الجسدي الذي انطلق في مصر على يد المخرج ومصمم الرقصات الشهير وليد عوني بداية التسعينات، من خلال مدرسة الرقص التي أنشأها، وفرقة الرقص الحديث التي قدمت عروضا كثيرة على مسرح دار الأوبرا ومثلت اسم مصر في السنوات الماضية في المهرجانات الدولية.
يعتبر فن الرقص الحديث من الفنون الخاصة التي قد لا يعرفها قطاع كبير من الجمهور مثل، فن السينما والمسرح، ولكن هذا المفهوم بدأ يتغير، خاصة في السنوات القليلة الماضية، مع التغيير الكبير الذي طرأ على مضمون وشكل عروض فرقة الرقص الحديث.
المخرج مناضل عنتر المدير الفني لفرقة الرقص الحديث في دار الأوبرا المصرية تحدث عن الشكل والأسلوب الفني الجديد للعروض في هذا الحوار:
○ هل يكفي وجود فرقة واحدة للرقص الحديث في مصر؟
• فرقة الرقص المسرحي الحديث هي الفرقة الرسمية لدار الأوبرا المصرية، تأسست عام 1993، لكن بالتأكيد يجب أن تكون لدينا فرق موازية حرة ومستقلة تطرح موضوعات وأساليب فنية جديدة، لذلك دشنا ورشة رقص حديث للهواة لاستثمار طاقاتهم المهدرة ضمن نشاط مسرح أوبرا ملك، وانضم إلينا عدد كبير من هواة الرقص. ويشارك في الورشة أيضا بعض المحترفين، وسوف ينتج عن الورشة عرض مسرحي، وهو معالجة لرواية الكاتب أحمد مراد 1919، ربما وجدنا معادلة تمكنا من نشر فن الرقص الحديث بين الجمهور العادي خاصة جيل الشباب، في هذه التجربة أدخلت عنصر التمثيل في الرقص، خاصة أن الروايات التي قدمناها، أو التي نعمل عليها حالياً تضم عددا من الشخصيات المركبة، في رواية «مولانا» نرى ثلاثة وجوه مختلفة لشخصية واحدة، تعاني من انفصام ثلاثي الأبعاد، وشخصية شريف في عرض «الفيل الأزرق» أيضا هو مريض نفسي، أما شخصية الغانية في عرض 1919 فهي تحمل أكثر من وجه وأكثر من رؤية .
○ كيف نقرب الجمهور العادي من فن الرقص الحديث؟
• استلمت الفرقة منذ 3 سنوات بعد المخرج وليد عوني، الذي أسس لوجود فن الرقص الحديث في مصر، وهي الفرقة الوحيدة التي تعمل، رغم أنه كان لدينا المهرجان الدولي للرقص المسرحي الحديث الذي تنظمه وزارة الثقافة المصرية وصندوق التنمية الثقافية ودار الأوبرا المصرية مع مثيلاتها الأوروبية منذ عام 1999، لكنه كان دائماً مهرجانا بلا جمهور، لذلك حاولت أن أضع استراتيجية جديدة لاستقطاب شريحة مختلفة من الجمهور العادي وليس النخبة، السؤال الأهم هو كيف نصنع مسرحا غنائيا مختلفا، ابتعدت عن الطرق التقليدية في تمصير بعض الأعمال لكن أيضاً لم تجذب الجمهور، غيرنا في المفردات الحركية للفرقة، حاولت تجسيد البعد النفسي للشخصية المصرية وتحويلها إلى دراما حركية تقربنا أكثر من الجمهور عن طريق تحويل الروايات الأكثر رواجا بين الشباب، إلى عروض راقصة. في البداية قدمنا في رواية «مولانا» للكاتب إبراهيم عيسى، التي كانت تتحدث عن شيوخ القنوات الفضائية، وتحولهم إلى مشاهير ونجوم مجتمع لا يطرحون الحقيقة بشكل كامل حتى لا يفقدون شهرتهم، كانت الشخصيات ذات بعد نفسي مختلف عما قدمته الفرقة من قبل، وبالفعل جاء إلينا جمهور الرواية ، ثم حاولنا تقديم رواية أخرى للكاتب جمال الغيطاني بعنوان «حلم البصاصين»، لكن العرض الذي كسر الحاجز النفسي بين الجمهور وفن الرقص الحديث هو الذي قدمناه عن رواية الكاتب الشاب أحمد مراد «الفيل الأزرق»، التي لازالت حتى الآن تحظى بإقبال جماهيري كبير، رغم أن ميزانية إنتاجها قليلة، جذبت حتى الآن أكثر من خمسة آلاف مشاهد في القاهرة والإسكندرية من مختلف الأعمار والطبقات.
○ هل ترى أن الجمهور العادي أصبح لديه وعي أكثر بمفهوم فن الرقص؟
• بالتأكيد خاصة بعد انتشار عدد من البرامج التي تقدم فنون الرقص المختلفة على الفضائيات، هذه البرامج حظيت بنسبة مشاهدة مرتفعة، لذلك يجب أن نستغل هذا النجاح في إقامة عروض نطور فيها مفرداتنا اللغوية إلى مفردات حركية بطريقة سهلة تجذب الجمهور، مثلا أحد هذه البرامج قائم على «ديو» بين اثنين من الراقصين لماذا لا نفكر في إقامة عرض فردي أو ثنائي، مشكلة فن المسرح أنه لا يجيد ترويج سلعته، فهو إما يقدم عروضا تجارية جداً او عروضا فلسفية ينصرف عنها الجمهور العادي، يجب أن نجد المعادلة التي تجمع بين الجودة الفنية والتجارية في الوقت نفسه، المسرح هو تفاعل مباشر مع الجمهور.
○ هل فن الرقص الحديث منغلق على نفسه؟
• الرقص الحديث لم يكن متاحا للجمهور العادي، كان فنا نخبويا مثل فن البالية، كنا نعتقد أن هذا النوع من الفنون منبوذ من المجتمع، لكن بعد عرض «الفيل الأزرق» تغيرت المعايير، الإقبال الجماهيري الذي شهده هذا العرض كان لنوع آخر من الجمهور، الذي لم نعتد عليه أكثرهم من جيل الشباب، وجدوا تقارب بينهم وبين الموضوع. التراث العربي والمصري الأدبي ثري جداً وأقرب إلى الهوية العربية من الموضوعات الغربية، أعتقد أن هذا التحول الكبير، سواء في اختيار رواية أو موضوع مصري جداً وتطوير الأداء الحركي وإدخال عنصر تمثيل هو أحد أهم أسباب خروج هذا الفن من قوقعته، وبداية جيدة تعمل على انتشاره مع الوقت بعيداً عن جمهور النخبة.
رانيا يوسف

m2pack.biz