إننا له لحافظون…

إننا له لحافظون…

إننا له لحافظون…

كثيرة هي المشاهد في العالم العربي التي تغمرنا بالأسئلة الحرجة، فتجعلنا في قلب المفارقات ضمن وضعيات مختلة، يطول معها الانتظار الذي يكسر النظريات المستقبلية على ظهور أصحابها. وفي المقابل، يترسب الإحباط المركب في ذاك العمق الباحث دوما عن متكأ المعنى في الحياة العربية الذي يولد نقطة نقطة وخطوة خطوة ؛ وليس بساطا أو طريقا مفضية. المشاهد اليوم تذهب في المكان والزمان، ولا يمكن أن تقولبها وتحنطها دورات السنوات والتواريخ المناسباتية.
لا يمكن في تقديري لكل عين أن تتغاضى الآن عن ما يجري في أقطار العالم العربي من حراك عاصف؛ يجعل الشارع مسكنا والأفق القريب سقفا. وقد يشكل ذلك نوعا من الصدمة للكل ؛لأن الحدث العربي في التاريخ مؤشكل ويتحرك بالكاد. وقد تمتد هذه الصدمة بشكل أعنف رمزيا للمبدع والمثقف؛ قصد التأمل في الوقائع والوسائط، في الأحداث والصور، في العنف المتبادل بصور مختلفة في آفاق هذه التحركات.
يغلب ظني أن هذا التعدد الغاص على اختلاطه والتباسه، يدعوني لمحاولة الإحاطة بما يجري كحدث وخطاب وترويج.. وبالتالي تتعدد الأسئلة وتتدافع، نصوغ منها السؤال المركب: هل هو حراك يذهب في اتجاه تأسيس أفق ديمقراطي حقيقي، يؤسس لفضيلة الاختلاف التي بإمكانها وحدها أن تخلخل بنيات وعقليات وتكلسات في الواقع والمخيال العربيين؛ أم أننا نقدم قرابين شبيهة بالدم الأسطوري، لنتيه بين الكمشات والاحتواءات المتعددة الأقنعة ؟؟
على أي، المبدع مطالب بهذا الفهم العسير؛ وبإمكانه أن يقدم تحليله وموقفه الذي يمتد لكتابته بشكل ما. لذا بالنسبة لي، أبحث الآن عن نص منفتح على هذا الذي يحدث دون أن يفقد النص ماءه اللصيق بالعمق والروابط الخصبة للإنسان كذات بالحياة والوجود. وعليه، فالنص يمكنه أن يكون حاضرا وشاهدا. لكن ليس بالمعنى التاريخي والسياسي ؛ بل بالمعنى الإنساني الذي يعيد بناء الأشياء وفق متخيل يغني المعركة أي يجعلها ذات خلفية وامتدادات.
الآن وهنا، نصي منكسر على أباعضه أمام ما يجري، أستجمعه وأؤثثه بصعوبة. وهو ما يدفعني إلى إعادة النظر في مفهوم الذات والآخر؛ وفي جماليات الكتابة نفسها…النص العربي في تقديري عليه أن يتحرر أكثر في أفق تأسيس جماليات جديرة به، لأنه يحاك قرب الفظائع والانعتاقات من القيود والأوهام…
كيف يمكن للذات أن تمتص هذه الأحداث على انعكاساتها وتداعياتها، لتشكيل قطعة ذات إحساس ورؤيا ما ؟. فلنحدث حراكا في نصوصنا أيضا دون تقديس وأوهام. من هذه الزاوية، يبدو لي أن هذه الأحداث المتسارعة، تدعونا إلى التحرر من الأوهام والأوهام المضادة، للانتصار للعمق والمعنى.
أي نص جدير بهذا؟ أعني النص الاستثنائي الوليد التراجيديات التي تذهب في تأثيرها إلى أبعد ذرة في الوجود. وهو ما يؤكد أن قوة المعنى، تحتاج في المقابل إلى قوة الصياغة.
دعونا من الرقص الغافل على الساحات الوهمية ؟
أكيد أن دمنا العربي يصب في المعنى، وليس في فخاخ الإيديولوجيا؟ وفي النص الجريح طبعا.
شاعر وكاتب من المغرب

m2pack.biz