«ذُهَانٌ»

«ذُهَانٌ»

«ذُهَانٌ»

كُلَّ صَبَاحٍ
مَعَ حَشْرَجَةِ المُحَرِّكِ الكَادِحِ
لِسَيّارَةِ الجِيرَانِ
أنْفُضُ الكَوَابيسَ مِنْ فِرَاشِي
بِظَهْرِ الكَفِّ أَفْرِكُ الأَرَقَ
وَمَا قَدْ بَعْثَرَهُ اللّيْلِ بِجَفْنَيَّ
بَيْنَ إِغْمَاضَةٍ وَإِفَاقَهْ
ثُمّ أَنْهَضُ كَالمُومِيَاءِ فِي أَفْلامِ الرُّعْبِ
مُتَعَطِّشًا لِرَائِحَةِ الدُّخّانِ وَالقَارِ
فِي رَأْسِي تُثَرْثِرُ الصَّوَامِيلُ
وتَسْعَى ثَعَابِينُ الحَديدِ ..
تفُحُّ أَفْكَارًا حَارِقةً
عَلى مَائِدَةِ الإِفْطَارِ
لا تُغْرِينِي حَبّةُ زَيْتُونٍ
وَإِنْ غَمَزَتْ بِالْحَوَرِ
مَادَامَ الخُبْزُ الَمَجذُورُ
يُشِيحُ عَنّي بِوَجْهِهِ
كَأَنِّي غَرِيبُ الدَّارِ
والجُبْنَةُ الشَّامِتَةُ
في قِمَاطِهَا الفِضِّيِّ
قَدْ أَصَابَهَا جُنُونُ الضَّحِكِ
عَلَى المِذْيَاعِ
لا تَشْتَعِلُ الأُغْنِياتُ
فِي رُطُوبَةِ الجَسَدِ..
لا تَسْتَجِيبُ مَوْجَاتُهُ
وَإنْ تَقَافَزَتْ نَسَانِيسُ غَرِيزِيَّةٌ
تَشُدُّنِي لِهِيسْتِيرْيَا الشّغَبِ اللَّذِيذِ

كُلَّ فَجْرٍ أُطْفِئُ مِصْبَاحَ بَيْتِي
ثُمَّ أَخْطُو نَحْوَ البَابِ غَيْرَ وَاثِقٍ
أُشْرِعُهُ عَلى الغَبَشِ
أمْضِي.. وأَطْفَالِي نِيَامٌ
يَحْلُمُونَ بِالرَّجُلِ العَنْكبُوتْ
لا تَقْهَرُهُ الأَهْوَالُ.. لا يَمُوتْ
لَكِنْ هَيْهَاتَ..
فَشيْءٌ مِنِّي كُلَّ يَوْمٍ كَانَ يَسِيلُ عَلَى الطُّرُقَاتِ
كَانَ يَمُوتْ
مَوْعدُ الشّمْسِ أُخْلِفُهُ
زَيْتُ القَلْبِ أُحْرِقُهُ
وَمَا خَزَّنْتُ مِنْ وَقُودٍ وَأَنْسَاغٍ فِي القَرَارِ
أُهْرِقُهُ.. يُعَابِثُهُ السَّرَابُ
سُدًى..
أَعْنَاقُ المَسَافَاتِ لا تَلِينُ
وَأَذْرُعُ المُنْعَرَجَاتِ تَعْتَرِكُ
تَعْصُرُنِي بِلا ضَمِيرْ
تَرْمِينِي بِشُوَاظِ الثّلْج وَالنَّارِ
«لَيْسَتِ الطَّرِيقُ الَّتِي تَعْرِفُ هِيَ الأَفْضَلُ دَائِمًا»
حِكْمَةٌ رَدَّدَهَا شَيْخٌ بِرُفْقَتِي قَدْ أمَضَّهُ المسيرْ
الأَبْهَى طَرِيقٌ أَبَدًا لَنْ تَعْرِفَهَا
يَجْتَرِحْهَا المُحَالُ
إنْ مَدَدْتَ لَهَا قَدَمًا
تَشْرَئِبُّ إِلَيْكَ الجِبَالُ
تُفْرِجُ الفِجَاجَ السَّحِيقَةَ بيْنَ الحُطَامِ
لمْ تَفْلِقْهَا عَصَا كَاهِنٍ أَوْ نَبِيٍّ
أوْ تَطَأْهَا أَقْدَامٍ المُسوُخِ
قُلْتُ.. يَا شَيْخَنَا التَّقِيّ َ
إنِّي أَعْرِفُهَا.. غَيْرَ أَنِّي فِي غَفْلَةٍ
ضَيّعْتُ قِنَّهَا السِّرّيَّ
رُبَّمَا اسْتَقَرّتْ أَرْقَامُهُ العَشْرُ
فِي حَوْصَلَةِ قُبَّرَةٍ
عَشَاءً لفِرَاخِهَا
أَوْ لَرُبَّمَا عَلِقَتْ بِأَنْيَابِ الشَّكِّ المُحْتالِ
وَهَا إنِّي الآنَ أؤُوبُ إلَى بَيْتِي
بِنَاقُوسٍ عَلَى الصَّدْرِ
وأوْتَادِ بِكَفَّيَّ
وَسَتَائِرِي الغَامِضَةُ فِي غُرْفَةِ النَّوْمِ
سَتَرِفُّ بأهْدَابِي مِنْ جَدِيدٍ
أشْبَاحًا أَشْبَاحَا
بَيْنَ الإغْمَاضَةٍ وَثُقْبِ الإِفَاقَه
شاعر مغربي

m2pack.biz