«سَرْد بوصفه شغفاً» للعراقي حميد الربيعي

«سَرْد بوصفه شغفاً» للعراقي حميد الربيعي

«سَرْد بوصفه شغفاً» للعراقي حميد الربيعي

«السرد بوصفه شغفاً، علامة فارقة، في حياتي مذ وعيته كمادة ثقافية نقلتني من الأجواء المدرسية إلى ما هو أهم وأعظم، إذ أصبحت الحاجة الثمينة في مسيرة شاب يتطلع إلى الحياة، اتخذ مسيرة الشغف والعشق، فبمقدار ما كنت أبحث عن الجماليات، كنت أندفع باتجاه السرد وكأنه المعادل الموضوعي للوجود، حتى باتت تصرفاتي اليومية تنبع وتنهل من هذا الشغف. لاحقا اكتشفت أن السرد ليس شغفا، بل هو طريق للمعيشة، حيث أصبحت الشوارع والأبنية والعلاقات ما بين الناس هي جل الاهتمام الذي به تمضي الحياة».
بهذا الوصف للسرد ابتدأ حميد الربيعي كتابه المعنون «سرد بوصفه شغفا.. عن الرواية وآفاقها» الصادر هذا العام 2017 عن دار الشؤون الثقافية، ضمن سلسلة الموسوعة الصغيرة، ساعيا من خلاله إلى استعادة تجليات تجربته الذاتية، في إطار الكشف عن طبيعة السرد وأدواته ومجالاته التي يتحرك فيها ووظائفه التي تتصدى للواقع والجمال والتاريخ والعلاقات الإنسانية.
يسعى الربيعي في حضوره الثقافي والإبداعي، إلى البحث عن مقومات السرد في العراق، بعد رحلة إبداعية قدم فيها للمكتبة السردية العربية خمس روايات: «تل حرمل، سفر الثعابين ، تعالى وجع مالك، جدد موته مرتين، دهاليز للموتى، أحمر حانة»، اضافة إلى مجموعة قصصية حملت عنوان «بيت جنّي».
يأتي هذا الإصدار في سياق ما يشهده حقل السرد العربي من تحولات، يمكن القول بأنها كبيرة طالما أخرجته من سلطة الحكاية واستحواذها على بنية النص، ولتتمظهر بالتالي إجراءات الكتابة السردية من الناحية الفنية خارج أطر المتداول من التراث السردي، بالشكل الذي أصبح فيه المنجز الإبداعي محلقا في فضاء واسع من الحرية، يستجيب لرؤية الكاتب الذاتية بتنوع آليات بنيته وأداوته التقنية خارج مواضعات المعايير الثابتة والجاهزة، بذلك اكتسبت النصوص السردية هيمنتها وسلطتها الاستفزازية للذائقة ذات المرجعية التقليدية من ناحية معطياتها وتعاطيها التقني.
يمضي الكتاب في تناول سبعة عشر مبحثا يتداولها السرد في تمظهراته الجمالية والإسلوبية والدلالية حملت العناوين الآتية: الواقعية الغرائبية مدرسة للسرد، ميتا سرد حوادث التاريخ، المحظور والمتخيل في الرواية، بنية السرد وتحريكه، التداولية في اللغة، صحف مطوية، متعة القراءة، البحث عن الآخر، أسطرة المكان وأنسنته، نبش سيرة، الرواية وثيقة، السرد وثيقة اجتماعية أزمنة السرد، المرويات ، شهادة سارد، البيان والتبيين.
وفي إطار محاولته لتقصي العلاقة بين التاريخ والسرد عبر عنوان (ميتا سرد.. أحداث التاريخ) فإنه يؤكد على أن هذه الخاصية، أي التفاعل مع التاريخ، تبدو أكثر حضورا لدى العراقيين من غيرهم، والخصوصية تنبع من استمرارية مديات التاريخ في حياة الناس، مع أن الوقائع قد مرت بالآخرين، لكنها فارقت أو تم طيها في صحائف الماضي.

m2pack.biz