«شعبيات» أحمد يحيى… استعراض حالات العمل والبهجة في حياة المصريين

«شعبيات» أحمد يحيى… استعراض حالات العمل والبهجة في حياة المصريين

«شعبيات» أحمد يحيى… استعراض حالات العمل والبهجة في حياة المصريين

القاهرة «القدس العربي» من محمد عبد الرحيم: يعتبر فن تشيكل المعادن من أقدم وأصعب الفنون التي عرفها ومارسها الإنسان، وتعبّر عن رؤيته للعالم من خلال المعدن الصلب، والحديد من أهم المعادن التي أبدع من خلالها الفنان عبر تاريخه الفني.
هذا المعدن الذي من خلاله تتجلى موهبة الفنان وحِرفيته في قدرته على تطويع وتشكيل المعدن وفق رؤية فنية تتناسب وفكرته التي يريد نقلها إلى المتلقي عبر عمله الفني. وقد أقيم مؤخراً معرض فني بعنوان «شعبيات» للفنان أحمد يحيى بقاعة الأرض ب «ساقية الصاوي» بالقاهرة، استعرض من خلاله طقوس العمل والاحتفال في حياة المصريين، عن طريق شخصيات تضرب بجذورها في البيئة المصرية وتراثها الثقافي والشعبي بوجه خاص.
أنسَنة الإرث الثقافي
حاول الفنان «أحمد يحيى» عبر نماذجه الحيّة التي أراد التعبير من خلالها عن إرث ثقافي عميق في حياة المصريين أن يؤنسِن هذا التراث من خلال شخوص حضارية وشعبية، فأصبحت الفكرة مُصاغة في شكل فعل إنساني ينضوي تحت كلمة (العمل)، فنجد .. بائع الفول، بائع البطاطا، الفلاح، راقص التنورة، والراقصة الشعبية. فالجميع في حالة عمل، يؤدي مهنته، مع التباين الواضح ما بين الشقاء والبهجة التي توحي بها هذه المهن.
الحركة والكتلة
حاول الفنان في احترافية ملحوظة تجسيد الحركة من خلال كل شخصية وطبيعة عملها، مع الآلة أو التي يقوم بالعمل من خلالها، ومدى التصاقه بها، وهو ما يعبّر عن مدى المجهود المبذول في هذا العمل، ومن ناحية أخرى يبدو تشكيل الكتلة من حيث المهنة وصاحبها تختلف وتفريغها وانتشار وتوضيح الخطوط عنها من عمل لآخر، فبائع الفول والبطاطا يبدو كل منهما مُلتصقاً في كتلة واحدة مع عربته وأدوات عمله، بينما تفريغ هذه الكتلة يأتي في حالة راقص التنورة، وهو ما يوحي بالتضاد ما بين رجل يعمل في مهنة تتعادل صعوبتها والتصاقه بالأرض، وبين آخر طبيعة عمله تجعله يحلق في السماء، وبهذا يكون المعنى الفلسفي أيضاً تحقق من خلال الحركة وتشكيل الكتلة وعلاقتها بالفراغ، وهو أمر جدلي تحقق إلى حدٍ كبير.
البناء والمَلمَس
الحالة نفسها تتحقق من خلال الخطوط الحادة الناعمة إلى حدٍ ما، مقارنة بالخطوط القوية والملمس الخشن، المتوافق مع كل شخصية ومهنتها، كما في شخصية راقص التنورة وبائع الفول على الترتيب. ملمح آخر حاول الفنان إظهاره وهو اللعب على تفاصيل كل شخصية وإكسسواراتها .. كرداء الراقصة الشعبية، وإظهاره تفاصيله التي تتناسب ومهنتها. وهنا نجد الاختلاف في البناء ما بين الكلاسيكي القديم والأكثر حداثة في نِسَب الأحجام، من حيث الخِفة والثِقل.
الفعل الجماعي والفردي
أكد الفنان حالة الفعل الجماعي من خلال تجسيد عمل الفلاحين وأدواتهم الفؤوس وخلافه في تشكيل جماعي، ومسافات مُتقاربة، مما يحتم طبيعة العمل في الأرض، وهو عمل جماعي في المقام الأول. بينما المهن الأخرى تعتمد على شخصية فردية كالبائعين والراقص والراقصة، وهو الأمر الذي يوحي بالفكرة من خلال تجسيدها. مع ملاحظة أن هناك حالة من التعاطف مع هذه الشخصيات تظهر في محاولات من خلال ما سبق ذِكره الاقتراب من وعي ومخزون المُشاهد الثقافي والتراثي، ليصبح أكثر تفاعلاً مع كل الشخصيات التي ضمها المعرض، والذي لم يجد صاحبه سوى اسم يؤكد هذه الحالة (شعبيات) حتى لا ننساها وسط إيقاع الحياة المُتسارع.

m2pack.biz