أبراج الحمام
د. محمد عبد المنعم الجمل
1من اصل1
كلية الزراعة بالقاهرة- جامعة الأزهر
تعتبر أبراج الحمام (مساكنه) أقدم ما عرفه الإنسان من مساكن التربية، ولم يتغير شكلها من قديم الزمن، وقد تناقل وتوارث إقامتها الفلاح المصري أباً عن جد، مستبقى ما بقى الزمان تضم بين جدرانها الحمام، وخاصة الحمام البري صديق الفلاح ورمز الطمأنينة والسلام.
البرج المبني يتألف من أوان من الفخار (قواديس ساقية وبرابخ) ترص في كل جانب المكان صفوفاً بعضها فوق بعض، وفتحاتها تطل على صحن المكان. وتخلط المونة (الطين أو المونة الخضراء المخلوطة بالتبن) التي تلصق بها القواديس من مواد جيدة ويطلى ما بينها من الداخل والخارج بطبقة سميكة منها حتى يتألف من ذلك جدران منتظمة نظيفة متينة البناء.
ولأبراج الحمام أناس برعوا واختصوا في إنشائها في أشكال مختلفة وأخذوا يقيمونها على هيئة أشكال هندسية جميلة فمنها ما يبنى على هيئة مخروطية أو اسطوانية ومنها ما يبنى على هيئة حجرات وتزينها فتحات التهوية التي تعمل على أشكال مختلفة تعطي الأبراج منظراً جميلاً. وهي لا تكاد تكلف صاحبها شيئاً غير مصاريف إنشائها وما تتطلبه من عناية واهتمام.
ويبنى عادة أساس برج الحمام من الطوب الأحمر أو الحجارة وجدران البرج من الطين (المونة الخضراء المخلوطة بالتبن) وترص بها القواديس في صفوف منتظمة متجهة فتحاتها إلى الداخل وتعتبر الأبراج أحب الأماكن التي يأوي إليها الحمام خاصة الحمام البري، وتكون الأبراج دافئة في الشتاء رطبة هاوية في الصيف وكأن اليد التي أنشأتها قد عرفت طريقة تكييف الهواء. يراعى عند إنشاء البرج عدم تسلق القطط إليه وإحكام غلق أبوابه وفتحاتها حتى لا يجد أعداء الحمام سبيلاً إلى دخوله كالغربان والبوم والفئران وابن عرس والثعابين والصقور وغيرها.