أبو دلامة والمهدي
كان أبو دلامة الشاعر الساخر نديمًا للمهدي ومحبَّبًا إلى قلبه، وعندما يبعثُ الخليفة في طلبه يأتيه على جناح السرعة للتسريةِ عنه بأشعاره ودعاباته التي لا تنتهي، وقد كان له معه الكثير من الطرف والأحاديث والقصص، ويروى أنَّه عندما دخلَ على المهدي يهنِّئهُ قال له:
إنِّي حلفتُ لئِن رأيتُكَ سالمًا بقُرى العراقِ وأنت ذو وفرِ
لتُصلينَّ على النبيِّ محمَّد ولتملأنَّ دراهمًا حِجري
فضحكَ المهدي وقال له: أمَّا الأولى فنعم، فقال أبو دلامة: إنَّهما كلمتان لا يُفرَّقُ بينهما، فضحكَ الخليفة وملأ حجرَه دراهم [١].
وقد دخلَ أبو دلامة ذاتَ يومٍ على الخليفة فوجده مهمومًا مغتمًّا، فوقع أبو دلامة في حيرةٍ محاولًا إخراج الخليفة مما هو فيه، فأسعفته فطنتهُ ونباهته بفكرةٍ طريفةٍ وهي أن يسخرَ من نفسه، فيجدُ الخليفةُ في هذا اللون المبهج والفكاهيِّ ما يفرحُه ويفرج عنه همَّه وغمَّه، فأنشدَ أبو دلامة قائلًأ:
ألا بلِّغ لديكَ أبا دلامَةْ فلستَ من الكرام ولا الكرامَةْ
جمعتَ دمامةً وجمعتَ لؤمًا كذاك اللؤمُ تتبعه الدمامَةْ
إذا لبسَ العمامةَ صار قردًا وشيطانًا إذا نزعَ العمامَةْ
فضحكَ المهدي حتى قلبَ على قفاه، وأمر لأبي دلامة بجائزةٍ قيِّمةٍ. [٢]