أبيع حظّي في الحياةِ بساعةٍ
حيرانَ أنظرُ في السماءِ وفي الثرَى
وأذوقُ طعمَ الموتِ غيرَ مصرَّدِ
وأجيلُ في الليلِ البهيمِ خواطري
لا شارقٌ فيهِ ولا من مُسعدِ
وتعيدُ لي الذكراتُ سالفَ صبوَتي
شوهاءَ كاشرةً كما لم أشهدِ
مُسخت شمائُلها وبدِّل سمتها
وبدتْ بوَسْمٍ في السعيرِ مخلَّدِ
يا صبوةَ الأمسِ التي سعدت بها
روحي، وليت شقيَّها لم يسعدِ
ما كان من شيءٍ يزيدُ تنعُّمي
إلا يزيدُ اليومَ فيكِ تلددي
أوَّاه من أمسي ومن يومي معًا
والوَيْلُ من طول التردد في غدِ
أهب الخلودَ كرامةً لمبشّري
أن ليس يومي في العذابِ بسرمدِ
وأبيع حظّي في الحياةِ بساعةٍ
أنسى بها عمري كأن لم أولدِ”
عباس محمود العقاد