أتعلم ما هي أفضل طريقةٍ لتبريد المواد؟

أتعلم ما هي أفضل طريقةٍ لتبريد المواد؟

أتعلم ما هي أفضل طريقةٍ لتبريد المواد؟

في البداية فكر بهذا السؤال مع نفسك، ماذا يعني -فيزيائياً- أنّ هذه المادة صلبة وهذه سائلة وتلك غازية؟ إن كنت تعرف الجواب فلا تُتعِب نفسك بقراءة هذا الجزء، وإن لم تكن فاعلم التالي، الحرارة هي مقياس عدم الانتظام في جزيئة المادة، بمعنى أنها تتناسب طرداً مع نشاط الذرات في حجم المكان، أي أنّ الحرارة تزداد كلما تحركت الذرات بسرعةٍ أكبر وتقلُّ كلما أبطأت الذرات سرعتها. ولعل هذا قد يفسر لك أيضاً كيف أن الضغط قد يحوِّل المادة من الحالة الغازية إلى السائلة ثم الصلبة.
حيث أن الضغط يقلل الحجم الذي تتحرك فيه الذرات فتُصبح حركتها محدودةً نوعاً ما، وهذه الحالة تسمى السائلة. وبزيادة الضغط أكثر قد تستطيع تحويل المادة إلى الطور الصلب، فلا يُتاح للذرات مكانٌ واسعٌ للتحرك فتصبح “مقيدة” بحركتها. ووضعت كلمة مقيدة بين قوسين لسببٍ بسيط، هو أن إيقاف أو تقييد حركة الذرات بشكلٍ كليٍّ أمرٌ مستحيلٌ حسب قوانين الفيزياء، فهناك دائماً مكانٌ تتحرك فيه الذرات، أي أنها ستظل تتحرك دوماً ما يعني احتفاظها الدائم بحرارةٍ وإن كانت ضئيلة.
الحد الذي تتوقف فيه الذرات عن الحركة يسمى الصفر المطلق (-273 كلفن) وهي درجةٌ لن نستطيع الوصول إليها أبداً كما تقول المعادلات الفيزيائية.
بعد هذا التمهيد يمكن أن ننتقل إلى الجزء الثاني، تفٌ بالليزر والفوتونات، وإن كنت ملماً بهذا فانتقل إلى الجزء الثالث والأخير من المقال.
في الحقيقة، إن الفرق بين الليزر والضوء العادي هو كالفرق بين كتيبةٍ عسكريةٍ منضبطةٍ يتحرك جنودها في نفس الوقت، مقارنةً بمجموعةٍ من المارّة في شارعٍ مزدحمٍ، فتجد أن حركاتهم عشوائيةٌ ومتضادةٌ نسبةً لبعضهم.
في هذا التشبيه كان البشر هم أشعة الضوء التي تكوّن الليزر، فبينما يشع الضوء العادي موجاتٍ كهرومغناطيسيةً مبعثرةً وفوضوية، نجد أن الليزر يشع الضوء بشكل أمواج كهرومغناطيسيةٍ منتظمةٍ ومرتبةٍ بنفس طول الموجة ونفس الطور، والخوضُ في طريقة تنظيم الليزر للأشعة أمرٌ قد يطول. والآن؛ نحن نعرف أن الليزر يشع فوتوناتٍ منتظمة، لكن ما فائدة الفوتون أصلاً؟ بم يتميز؟ حسناً؛ الفوتون جسيمٌ أوليٌّ (لا يمكن تقسيمه وتجزئته) حاملٌ للشحنات الكهرومغناطيسية ويتحرك بسرعة الضوء.
هذه أوصافٌ عامةٌ للفوتون، لكن ما يهمنا هنا هو أنه يمتلك زخماً، والقوة التي ستبطئ الذرات (بالتالي تبرد المادة) هي زخم الفوتون المعاكس لزخم الذرة وسرعتها.
والآن أطلق حزمة ليزرٍ باتجاهٍ معاكسٍ لحركة ذرةٍ ما، لكن يجب أن يكون الضوء المنبعث ذا ترددٍ مناسبٍ مع الذرة (أي التردد الذي يتيح للإلكترون امتصاص فوتون) لكن فقط أقلّ بقليلٍ كي تستطيع الذرة امتصاص الأشعة القادمة بعكس اتجاهها فقط (بتأثير ضاهرة دوبلر -الإزاحة نحو الأزرق) وعندها ستواجه الذرة زخماً بعكس اتجاه زخمها فيقل زخمها الأصليّ وبالتالي تقلّ سرعتها.. أي تقلّ درجة حرارتها.
بهذه الطريقة وصلنا إلى درجات حرارةٍ قريبةٍ جداً إلى الصفر المطلق فلا يفصل بينهما إلا أرقامٌ عشريةٌ قليلة. وبالطبع؛ الموضوع أكثر تعقيداً من هذا، لكنه كل ما تحتاج معرفته ما لم تنوِ التخصص في الفيزياء أو مناقشة ستيفن هوكنج.

m2pack.biz