2من اصل3
بينما في العرض الأخير هي تنويرية بالأساس، حيث التأكيد بوضوح على أن سؤال النهضة يرتبط ارتباطا وثيقا بدور المرأة وتعليمها وحريتها في التعامل مع محيطها، ومن هنا يتحول الجسد إلى أيقونة جمالية خالصة، حيث يمكن للمشاهد أن يتابع في تدفق لافت على الرغم من قراءاته المباشرة تحول المرأة من السفور إلى الحجاب باللغة التي سادت خلال السنوات العشر الأولى من القرن العشرين، وهي السنوات التي بلورت وعي قاسم أمين قبل كتابة كتابيه الشهيرين “تحرير المرأة” و”المرأة الجديدة” فالعرض ليس سوى تأويل جمالي لمحتوى هذين الكتابين، غير أنه في المقابل لا يسقط في أمرين الأول، هو الاستسلام الكامل للسردية التاريخية والمسار التقليدي للأحداث، والثاني النظر إلى المفاهيم التي صاغها قاسم أمين بمعزل عن سياقها التاريخي والجمالي أيضا.
وانسجاما مع تجاربه في سلسلة “المصريات” التي قدمها من قبل يبدو لافتا أن حركة الراقصات على المسرح ولعلها أكبر مساحة تشغلها الراقصات مستمدة من حركة النسوة المصريات في اللوحات الفرعونية على المعابد، من أقرب إلى “النائحات” وفي الحركة و الزي يسهل اكتشاف الكثير من تكوينات محمود مختار النحتية، وبالذات في “الخماسين”، وهي تكوينات صعبة لكنها أيضا مسار مواز في الحركة بالمعنى التاريخي، فتصورات مختار عن الجسد لم تكن منفصلة تاريخية عن مطالبات أمين بتحريره، بل إن تمثال “نهضة مصر” ذاته هو تأكيد على دور المرأة وفاعليتها في النهضة.
اعتمد عوني في الآونة الأخيرة على استعراض تاريخ النهضة المصرية.
قسم عوني العرض إلى ثلاث مراحل، الأولى يشيع فيها لون السواد كعلامة ترمز لوضعية المرأة في النصف الأخير من القرن التاسع عشر قبل ترسخ مفاهيم تعليمها وتحريرها، وفيها يقدم الراقصون الرجال رقصات خفيفة منفصلة عن النساء في البداية، تشير إلى انفصام العلاقة فيما بينهم، مع تقديم مشهد عن بدء احتجاج المرأة وصراخها ورغبتها في الانعتاق من تحكم الرجل وعلى خلفية المسرح، إشارة الحلقة الذهبية التي تتكون من طلائع الفكر العربي في القرن التاسع عشر،