أجمع الغبار وأدعوه لريافة ذاكرتي
وأهبطُ إلى فردوسِ عريِك أعزلَ. أكثر قتامةً من غبارٍ رديء. يرافقني في نزهتي الليليّة، صمتُ أُفق متمرّدٍ ووردة تنظر لها جنيّة الظلام وآلهة لا سرير لهم. وأنا طفل البطِّ في الماءِ مثل سمك. وأرغبُ أن أمسكَ فمَ امرأة. وأرتوي من حليبِ الضوء.
٭٭٭
التنّورُ يضعُ رأسَهُ على الأرض وينامُ الفلك. ينظرُ إلى ثقوبِه المحشوّةِ بالنار. الطينُ النيء يعومُ في الماء. الخبزُ الحار وحده كفافنا المتأوّه.
أجمعُ الغبارَ وأدعوه لريافةِ ذاكرتي. أصغي إلى ضوءٍ حاسر الموج. وأشلاءِ حرب.
لنكنْ أنا وأنت عميان. لنكن. أبصر من يدِ البصر العميان ونتحاشى النظرَ إلى أنا وأنت. وليكن الأعمى همو ونحنُ في حالةِ انتشاء، ننحني إلى فوق وبصر من تحت الأعالي.
أفرك تجاعيدي بنهدِ تمثال. وأحشرُ في سروالِه حشرةً تشبهُ فم عرّافة
وكأنني قارع طبول. وتوأمي يأتي من المقبرة. ويحملُ عنّي جرنَ عمادي.
في هيئةِ تمثالٍ أراك. كأنّكَ ملحٌ وفي صدرِك ثقوبٌ تكتظُّ بمقاعد زغب ورغبات ورد. وأنا صيّادٌ ثملٌ أوّزع فخاخي في حضنِك. وأجمعُ منهُ أشناتٍ وطحالب.
حينَ جلست المرأة ُبعفويّة ٍعلى المقعدِ الجلديِّ في باحةِ المقهى. الغزلانُ المقوّسةُ المنقوشة على بلاطاتِ المقهى المزخرفة. كانتْ تتقافزُ فوق بعض.
أنا الأعمى. ألهو بقطعِ الشطرنج. فيكشُّ الملكُ مذعوراً.
أفصلُ الماءَ المبلّل عن الماءِ السابحِ فوق صلعتي. فتسبحُ فيه البجعات
رجلٌ أعمى ينظرُ الى إناءِ متحف. يقرأُ في زخارف آثاره القديمة المعلّقة على جدرانِه. يكمل العبارة. أحسُّ أنَّ قدمي إلهٌ عريقٌ. بدأتْ تتحرّكُ نازلةً من الإناء كأنّها ماءٌ يتنقّطُ. والهواءُ يذوبُ من الدهشة
ينكسرُ مسمارٌ سومريٌّ من حنجرتي. وأنا أكسرُ الخبزَ وخمرتي تلهثُ وتملأني بغرائز.
٭ كاتب عراقي
أجمع الغبار وأدعوه لريافة ذاكرتي
زهير بردى