أرنونا / علي مواسي
ظلّ النّاس يتوافدون على بيت يحيى، ابن أبي يحيى، الّذي كان يسكن مع زوجته وأبنائه السّتّة فوق بيت أبيه، أسبوعًا كاملًا، ليقنعوه أنّ “إكرام الميّت دفنه”، لكن دون فائدة .
ردحت النّساء وولولتْ، ومسح الأقارب على ذقونهم، ودون فائدة.. لم يبقَ وجيهٌ في القرية ومحيطها إلّا وطرق باب بيته، ودون فائدة.. ممثّلو الأحزاب والجمعيّات المحلّيّة واللّجنة الشّعبيّة شابتْ رؤوسهم، ودون فائدة.. الأئمّة ومشايخ الدّعوة لم يتركوا أسلوبًا من أساليب التّرغيب والتّرهيب إلّا واستخدموه معه، وغلّظوا الأيمانَ، ولم يقتنع.
جاء ضابط المنطقة المسؤول، أمنون مزراحي، ليعتقله بتهمة “إعاقة دفن ميّتٍ، والمسّ بحرمته وبكرامة الإنسان”!!!
“وين مخبّي الجُسِّة يا أُستاز؟”
اضطّرّ أن يفتح باب بيت أبيه الحديديَّ الأخضر بعد هذا السّؤال، فوجدوا بلاطاتٍ كثيرةً نُزعت من مكانها، وفي موضع النّزع بدت آثار حفرٍ على التّراب الرّطب.
“חוצפנים.. מדינת משטרה..” ، قال وهو يدخل سيّارة الشّرطة.
في التّحقيق دوّن الكاتب: “دفن والده في غرفته، تمامًا في موقع السّرير الّذي كان ينام عليه، كي لا يدفع أرنونا قبره إلى الأبد، هو وأولاده.”
وقّع يحيى على أقواله، ثمّ أخلوا سبيله. صفحة الكاتب.