أسباب ولا أسباب2من اصل7
فهو من أبناء عمومة أبي بكر، محبوب لسخائه وشجاعته وسبقه إلى الإسلام، وكان ينافس عليها الفاروق فضلًا عمن جاء بعده، ويرى أن أبا بكر كان خليقًا أن يكلها إليه، وأنه إذا فضل عليه عمر فليس بعد عمر من يفضله، وأعانه الزبير لأن منافسة علي وعثمان إذا وليا الخلافة أشق عليه من منافسة طلحة إذا هي آلت إليه.
وكان أناس من المجتهدين يتابعون محمد بن سليمان المتفلسف على هذا الرأي، أو يتابعون معاوية بن أبي سفيان أول من قال به وذهب إلى تخطئة عمر في ندبه لأهل الشورى، ولم تزل منهم بقية في عصرنا هذا ترى الحصافة والحكمة فيما قاله معاوية، منهم الأستاذ محمد أحمد جاد المولى الذي كان كبيرًا للمفتشين بوزارة المعارف، فهو ينقل كلام معاوية في كتابه “إنصاف عثمان” ثم يتبعه قائلًا انه رأي “الحصيف المجرب الذي حلب الدهر أشطره، وغلب برأيه ودهائه صاحب الحق على حقه، وأقام دولة الإسلام على تخوم دولة الروم موطدة الأكناف قوية الدعائم، وحاش لعمر أن يتهمه أحد فيما فعل، فإنه لم يرد إلا الخير للمسلمين جاهدًا، وكان أعظم ما يرجوه من ذلك ألا يكون خلاف وافترق بين المسلمين.. وأكبر الظن عندنا أن عمر لو كان في حال غير هذه فربما فضل أن يريح المسلمين من العناء والمناوشات الحزبية، ويعهد إلى من هو أهل للخلافة، فقد يجد الناس لهذا التعيين حرمة تسكبت الألسنة والدولة لا تزال فتية، أعدى أعدائها الشقاق والانقسام..”
هذا سبب من أشهر الأسباب المذكورة، تواتر القول به من أيام الفتنة إلى العصر الحاضر، ولو كانت الأسباب التاريخية تهمل على قدر وهنها وظهور الغرض فيها، لما ورد لهذا السبب ذكر على لسان بعد إفضاء معاوية به إلى ابن الحصين، إلا أن يكون ذكره لتوهينه والكشف عن غرضه، وهو مكشوف لا يجهد من يريد أن يلتفت إليه.
فمعاوية لم ينكر الشورى في اختيار الخليفة إلا لأنه أجمع العزم على خطة ولاية العهد،