أسباب ولا أسباب5من اصل7
وجاء عثمان فسد ذرائع الخلاف، ولم يأت بشيء من عنده غير تعميم المصحف في جميع البلدان ليقرأه المسلمون على نسخة واحدة.
ولئن كان ف بعض هذه الأمور التي تتعلق بالدين مخالفة للمألوف، لقد خالف عمر المألوف في منع زواج المتعة، وفي نقص الأعطية للمؤلفة قلوبهم، وفي الإعفاء من حد السرقة في عام المجاعة، وفي تسوية الصفوف بالمسجد عند الصلاة، وفي مسائل أكبر مما أحصوه على عثمان، فلم يتحدث بها متحدث على سخط وتذمر فضلًا عن الثورة وحمل السلاح.
ولا نطيل في سرد الأمور “الدنيوية” التي قيل انها أهاجت الفتنة على عهد عثمان، ومنها غلبة قريش على الأمصار، وسيادة العرب على الأمم الأخرى، وإقامة بعض الولاة الذين اتهموا في تقواهم، وبذل الأموال لذوي القرابة والنصراء.
فقد ثار الثوار فجاء الكوفيون يطلبون الزبير، وجاء البصريون يطلبون طلحة، وجاء المصريون يطلبون عليًا، وكلهم من صميم قريش. وقد أقام معاوية ملكه بقريش والعرب، وكان بذل الأموال لذوي القرابة والنصراء عماد دولته ووسيلته إلى تأسيس بيته وبسط سلطانه.
ومن الولاة الذين أنكر الثائرون ولايتهم لاتهامهم بشرب الخمر الوليد بن عقبة، وقد حده عثمان بعد استماعه للشهادة عليه، ولم تكن ولايته على عهد عثمان، بل ولاه عمر على الجزيرة، واختاره عثمان لولاية الكوفة.
وسنرى، بعد، أنه ما من عمل نسب إلى الخليفة الثالث إلا حدث مثله من قبله فلم تنشب من أجله فتنة، أو حدث مثله من بعده فلم تنشب من أجله فتنة، بل لعله كان من دعائم الدولة وأساس السلطان.
ولهذا قلنا انها اسباب ولا أسباب، وانها بين أسباب مزعومة يراد بها غير ظاهرها، أو أسباب صحيحة ولكنها لم تفعل فعلها إلا لاقترانها بأحوال تلك الفترة، ولو جاءت في فترة أخرى لما كان لها ذلك الأثر.
.. لم؟..
نعم، لم والاسباب واحدة تختلف عواقبها بين هذه الفترة وغيرها؟..
ذلك أنها فترة جاءت بين الخلافة والمملكة، فلا تستقيم فيها وسائل الخلافة، ولا تستقيم فيها وسائل المملكة، ومن هنا اضطراب الوزن،