أشكال الدخول إلى الأسواق الدولية والتجارة الدولية وفتح الأسواق الخارجية
إن المؤسسة بعد قيامها بالدراسات المختلفة لم يبق لها سوى تحديد طريقة دخولها أو استراتيجياتها المثلى، التي ستقتحم بها الأسواق الدولية، وكل استراتيجية تتضمن مستوى معينا من العناصر التالية: التعهدات، المخاطر، المردودية. وتختلف هذه العناصر من طريقة إلى أخرى، وما على المؤسسة إلا مراعاة وتقييم هذه العناصر لتحقيق أحسن النتائج مع مراعاة مواردها والعوامل البيئية المحيطة بها.
الشكل الأول: التصدير
يعتبر التصدير الوسيلة الأكثر سهولة للمؤسسات في اقتحام الأسواق الأجنبية. فالمؤسسات تبدأ توسعها من خلال التصدير ثم التحول إلى الأشكال الأخرى لخدمة السوق الأجنبية.
1. مفاهيم أساسية:
المصدر السلبي: ويخص المؤسسات التي تهتم بتصريف الفائض من منتجاتها من حين لآخر إلى الأسواق الأجنبية وعادة مايكون التصدير تلبية للطلبيات الدولية. فهي تصدر دون تخطيط منها ولا خبرة، ودون أن تختار الأسواق التي ستتعامل معها. فالتصدير بالنسبة لهذه المؤسسات ما هو إلا تصريف للفائض ونشاط غير متوقع للمؤسسة.
المصدر الايجابي: التصدير بالنسبة لهذه المؤسسات يعتبر نشاطا رئيسيا وهاما ويتم تخصيص هياكل خاصة له (أقسام) وللمؤسسة حق الاختيار بين الأسواق التي ستتعامل معها وعادة ما تلجأ المؤسسة إلى التصدير بإتباع طريقتين:
طريقة غير مباشرة: وذلك باستعمال الوسطاء وتتميز بعدم الحاجة إلى قوة بيعية ولا اتصالات مع الخارج وأقل مخاطرة لمعرفة الوسيط ومساهمته في تجنب الأخطاء وهي أقل ربحية من الطريقة المباشرة.
طريقة مباشرة: يكمن الفرق بين التصدير المباشر والتصدير غير المباشر في أن التصدير المباشر يتولى المنتج بنفسه إنجاز المهام التصديرية بدلا من توكيلها إلى جهات أخرى خارجية،وتتميز كونها تتطلب استثمارات كثيرة ومخاطر وأرباحا أكبر في حالة الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة. والفرص المتاحة في التصدير المباشر أكبر من الفرص المتاحة في التصدير غير المباشر.
2. مزايا وعيوب التصدير:
يمكن إيجاز أهمها فيما يلي:
1. المزايا:
– يتجنب التصدير تكاليف إنشاء عمليات التصنيع في دولة مضيفة.
– يمكن المؤسسة من تقليل مخاطر التعامل دوليا.
– احتياج المؤسسة إلى حد أدنى من رأس المال عند مقارنته بالبدائل الأخرى.
– وسيلة مناسبة للحصول على الخبرة الدولية.
– ينسجم التصدير مع الاستراتيجية العالمية أو الكونية.
2. العيوب:
– قد لا يلائم التصدير الدولة الأم إذا كان هناك مواقع تكلفة أقل لتصنيع المنتوج في الخارج.
– تصبح استراتيجية التصدير غير اقتصادية في حالة ارتفاع تكاليف النقل خاصة بالنسبة للمنتجات كبيرة الحجم.
– يعتبر حاجز التعريفة الجمركية من أهم عيوب التصدير وهذا الحاجز بإمكانه أن يجعل استراتيجية التصدير غير اقتصادية (انخفاض تأثير هذا العامل حاليا بفعل المنظمة العالمية للتجارة والتكتلات الإقليمية)
– التعامل مع الوسطاء ربما يكون غير فعال لعدم ضمان قيام الوسيط بمهامه أو لديه ولاءات أخرى لحساب المنافسين على حساب المؤسسة.
الشكل الثاني: التراخيص
تعتبر التراخيص أحد الأساليب التي يمكن من خلالها أن تنقل إنتاجها من النطاق المحلي بالدولة الأم إلى الأسواق الدولية وبدون استثمار للرأسمال الخاص للشركة. ووفقا لهذا المفهوم، فالشركة توقع عقدا بين طرفين وتمنح الشركة الأم شركة أخرى امتياز الاستخدام لقاء عائد أو نسبة من الأرباح خلال فترة معينة في العقد ويكون على شكل اسم السلعة، علامة تجارية، أو الاستفادة من شكل النموذج…
أو بعبارة أخرى هو ترتيب معين يتمكن بمقتضاه طرف أجنبي(المرخص له) من شراء حقوق تصنيع منتوج الشركة (المرخص) في موطنه (المرخص له) نظير أتعاب متفق عليها وعادة ما تكون في شكل مدفوعات نقدية تحتسب على أساس عدد الوحدات.
لعقود التراخيص مزايا وعيوب نذكر منها:
1. المزايا:
– إن الترخيص لا يحتاج إلى رأس مال الشركة الأم.
– إنه من الطرق السريعة والسهلة للدخول إلى الأسواق الخارجية.
– الترخيص يمكّن الشركة الأم من التعرف على الأسواق الخارجية وعدم الاكتفاء بالسوق المحلي.
– العديد من الدول تشجع التراخيص لكونه سيجلب المعارف والمعدات التكنولوجية الحديثة للبلد.
– في حالة الترخيص فهذا يعني تجنب كل ما يتعلق بالتعريفات الجمركية المتعلقة بالإستيراد والتصدير.
2. العيوب:
– الشركة المرخص لها تستطيع التأثير على الشركة الأم وذلك بمنافستها، وتستطيع هذه الشركة التوسع مما يؤثر على عمل الشركة الأم.
– قد يكون العائد من الامتياز محدودا وبنسب بسيطة ما يجعل جدوى الامتياز محدودة.
– الثقة بين طرفي الترخيص تكون ضعيفة لصعوبة الإشراف والتعرف الكامل على أعمال الشركة المرخص لها.
– قد لا تحسن الشركات المرخص لها العمليات التصنيعية مما يؤثر على سمعة الشركة.
3. إدارة عقود الترخيص:
من أجل تقليل العيوب والمخاطر المرتبطة بعقود الترخيص تستخدم الشركات وسائل عديدة منها:
– العناية الكبيرة عند اختيار المرخص له.
– كتابة عقد الترخيص بعناية شديدة: يجب أن يشار إلى
المنطقة الجغرافية التي يغطيها العقد.
مدة العقد
المقابل المالي
حماية أسرار الصناعة من أجل السيطرة أكثر على المرخص له، يمكن لمانح الترخيص الاحتفاظ ببعض مكونات أو أجزاء أساسية للإنتاج حتى يبقى المرخص له بحاجة إلى خبرة ومعرفة مانح الترخيص.
Ø إن نجاح عقود الترخيص مرتبط بعنصرين:
– وجود سياسة وخطة واضحة للترخيص.
– وجود قسم أو مدير مسؤول عن عقد الترخيص.
ومن كل هذا يتبين أن عقود الترخيص معقدة وعدم اللجوء إليها كبديل لاقتحام الأسواق الخارجية دون دراسة وتخطيط مسبق يسبب للشركة مشاكل.
الشكل الثالث: حق الامتياز
يشبه حق الامتياز الترخيص من عدة جوانب، والذي من خلاله تقوم الجهة الممنوحة إليها الامتياز بعمل برنامج تسويقي متكامل اعتبارا من أبسط الأمور المتعلقة باسم السلعة وصولا إلى طريقة التصنيع أو العمل. ويستخدم الامتياز كاستراتيجية من قبل شركات الخدمات، فهناك شركات عالمية تمارس عملياتها الدولية من خلال حق الامتياز، وفي هذه الحالة تقوم الشركة الأم ببيع حقوق محدودة لاستخدام علاماتها مقابل مبلغ مالي أو حصة من أرباح المتمتع بحق الامتياز. واتفاقيات الامتياز تكون أكثر شمولا من التراخيص، والمتمتع بحق الامتياز يلتزم بقواعد صارمة تحدد كيفية أداء النشاطات. أما مزايا وعيوب هذا الحق فهي تقترب من مزايا وعيوب التراخيص.
الشكل الرابع: المشروعات المشتركة
تعد المشروعات من بين الأشكال والاستراتيجيات الشائعة في اقتحام الأسواق الأجنبية.
وتوجد لها عدة تعاريف:
تعريف: يرى (كولد) أن الاستثمار المشترك هو أحد مشروعات الأعمال الذي يمكن أن يمتلكه أو يشارك فيه طرفان (أو شخصيتان معنويتان) أو أكثر من دولتين مختلفتين بصفة دائمة، مع عدم اقتصار المشاركة على الحصة في رأس المال، بل تمتد إلى الإدارة والخبرة وبراءات الاختراع أو العلامات التجارية والمساهمة الفنية الخاصة بعمليات الإنتاج والمعرفة التكنولوجية، والمساهمة كذلك في كافة عمليات ومراحل الإنتاج والتسويق.
وتعرف كذلك على أنها إشراك في الملكية بين شركة دولية وشركة محلية في سوق مستهدفة بغية تحقيق مكاسب.
أماTerpestra فيرى أن الاستثمار المشترك ينطوي على عمليات إنتاجية أو تسويقية تتم في دولة أجنبية، ويكون أحد أطراف الاستثمار فيها شركة دولية تمارس حقا كافيا في إدارة المشروع أو العملية الإنتاجية بدون السيطرة الكاملة عليه.
وأهم ميزة تميز هذه الطريقة عن الطرق السابقة هو مشاركة الطرف الأجنبي في الإدارة ورأس المال.
توجد لهذا الشكل من أشكال الدخول إلى الأسواق الأجنبية عدة مزايا وعيوب:
1. المزايا:
– يساعد الاستثمار المشترك الشركة الحصول على إنشاء وتملك مشروعات استثمارية ملكا كاملا من الدول المضيفة.
– يساعد المشروع المشترك على تخفيض المخاطر المحيطة بالمشروع.
– التغلب على القيود التجارية والجمركية المفروضة بالدول المضيفة.
– سهولة الحصول على القروض المحلية والمواد الخام اللازمة للشركة.
– توفير رؤوس الأموال الضخمة من مصادر دولية ومحلية متعددة.
2. العيوب:
– احتمال وجود تعارض في الأهداف والحاجات والمصالح والاهتمامات بين الطرفين.
– انخفاض قدرات المستثمر الوطني تؤثر على فعالية المشروع المشترك.
الشكل الخامس: الاستثمار المباشر
في هذا النوع تقوم الشركات بإنشاء فروع للإنتاج أو التسويق أو أي نوع من النشاط الإنتاجي أو الخدمي بالدولة المضيفة من خلال التملك المطلق له. تعتبر أكثر الأشكال تفضيلا من الشركات الكبيرة رغم مخاطرها الكثيرة وتكلفتها الكبيرة، فتخوف البلدان النامية منها يعود لاحتمال ممارسةالاحتكارمن جانب هذه الشركات لأسواقها. ومع سياسة الانفتاح في العديد من بلدان آسيا، أمريكا اللاتينية وحتى إفريقيا، نلاحظ أن هذه الدول أصبحت تقدم تسهيلات لهذه الشركات من أجل جلبها إلى أسواقها.
سنعرض مزايا وعيوب هذا الشكل على النحو التالي:
1. المزايا:
– استغلال الشركات لميزتها التنافسية(الحفاظ على تفوقها التكنولوجي) من خلال الحرية الكاملة في الإدارة والتحكم والسيطرة الكاملة على سياسات الأعمال.
– انخفاض تكلفة عوامل الإنتاج لكبر حجم الأرباح.
– لقربها من المستهلك تستطيع خلق مزايا تسويقية عن طريق تواجدها بالسوق المحلي.
2. العيوب:
– الحاجة إلى موارد مالية ضخمة وزيادة درجة المخاطرة مع تلك الزيادة.
– يحتاج المشروع لتكلفة عالية للانطلاق، وفي حالة الفشل لا يستطيع الانسحاب من السوق.
3. أشكال الاستثمار المباشر:
– قيام الشركة الدولية بتملك شركة قائمة عن طريق الشراء Acouisition
– تكوين شركة جديدة خاصة لها من البدايةGreen field operation وتستعمل هذه الطريقة في بعض الحالات مثل:
– قد لا تعثر الشركة الدولية على شركة قابلة للبيع.
– منع الحكومات من بيع شركة محلية إلى دولية.
– معاناة السوق من قلة خبرة العمالة أو الإدارة.
– افتقار الشركات المحلية للتجهيزات الحديثة.
الشكل السادس: التحالفات الاستراتيجية العالمية
من الصعب إعطاء تعريف محدد لهذا النوع من غزو الأسواق الدولية. يمكننا القول أن مفهوم التحالفات الاستراتيجية يحتوي على مجموعة من العلاقات التعاقدية بين الشركات المتنافسة لتحقيق هدف معين، وهو عبارة عن اتفاقات تعاون بين منافسين دوليين محتملين أو فعليين. وتعتبر هذه الاستراتيجية موضة العصر.
1. أهداف التحالفات الاستراتيجية:
هناك عدة أهداف تسعى هذه التحالفات لتحقيقها أهمها:
– دخول الأسواق الأجنبية
– إضافة الشركة المحلية منتوج حديث مكمل لخط إنتاجها لا يتنافس منافسة مباشرة مع منتجاتها.
– تقليل درجة المخاطرة المرتبطة بتطوير تكنولوجيا حديثة أو تحقيق وفرات الحجم في الإنتاج أو دخول سوق جديدة بتكلفة منخفضة، لأن التحالفات يشترط بأن يكون لكل طرف شيء ذو قيمة للطرف الآخر.
2. معايير اختيار شركاء التحالف الاستراتيجي:
– أن يكون لكل طرف ميزة تنافسية إنتاجية أو تكنولوجية أو تسويقية.
– مساهمات كل طرف متوازنة.
– الاتفاق بين الطرفين على الاستراتيجية العالمية التي سيتبعونها.
– التعاون مع الطرف الآخر بدلا من منافسته.
– أن يكون هناك توافق بين الشركتين على مستوى الإدارة العليا.
3. أنواع التحالفات الاستراتيجية:
تحالفات استراتيجية تكنولوجية:
تتمثل في اكتساب الخبرة التكنولوجية مقابل الدخول إلى الأسواق الدولية.
تحالفات استراتيجية انتاجية:
تتمثل في الاستفادة من المعرفة الإنتاجية الخاصة للشركة مقابل المساعدة في الدخول الى الأسواق.
تحالفات استراتيجية تسويقية:
تتمثل في الاستفادة من نظام التوزيع الخاص بالطرف الآخر.
الشكل السابع:عقود الإدارة
تعتبر عقود الإدارة أحدث صور المشاركة بين الشركات. وهي عبارة عن عقد يتم بين شركة أجنبية وأخرى محلية، تقدم الشركة الأجنبية للشركة المحلية خبرة في مجال معين من المجالات التي تتناسب وعمل الشركة الأم، وتتخذ هذه العقود أشكلا عديدة، إذ تلاحظ بشكل جلي من حيث الخبرة التي لا يمكن أن تنشأ خلال فترة قصيرة فلا يكفي توفير البناء والأجهزة والمعدات الضرورية دون خبرة جيدة، ويقصد بالخبرة تلك المعارف الفردية التي تتكامل مع استخدام المعدات والآلات والنظم. تقسم الأرباح بين الطرفين طبقا لنسب محددة وطبقا لمدى أهمية رأس المال أو الإدارة في تحقيق الأهداف المشتركة.
وتنتشر عقود الإدارة في مجال المستشفيات والخدمات السياحية التي تحتاج إلى إدارة جيدة وفق أسس وقواعد حديثة.
وعادة ما يرتبط نجاح المشروع بالسمعة والشهرة الدولية، وتوفر عقود الإدارة على الشركات توظيف رؤوس أموال ضخمة مع تحقيق عائدات كبيرة.وفي الأخير يمكن القول بأن الشركة في إطار غزوها للأسواق الأجنبية ترتبط قراراتها وتتطور مناهج دخولها للسوق حسب: الوقت، السيطرة والمخاطرة.