وفي نجادة تحديدًا، يتفنن السكان في عمل الزخارف والحليات في كل بيت، يحكمهم في ذلك اعتياد الجمال البكر من خولهم وتأثرهم بما شهدت المدينة الفرعونية من حضارات على مر العصور، فترسب لدى قاطنيها هذا الذوق الفطري الشفيف، فتجد أشكالاً متميزة من الأبواب الخشبية التي تدعى، وفقًا لمريم القرشي، حشوات المنجور، والتي تتكون من تجميع قطع خشبية عديدة في أشكال هندسية وتعرف في اللغة الدارجة “بشغل الخشب العربي”.
أما البلكونات، فتتبع الفكرة التقليدية التي بموجبها يبدع صاحب البيت في عمل حاجز يؤدي الغرض في الاعتزال عن عيون المارة. والتمتع بالخصوصية في هذه المساحة المتفتحة على العالم، وفي الوقت نفسه عمل فتحات وحدات زخرفية في الخشب تسمح بمرور هواء العصارى أو بعض النسمات التي تهون قيظ الحرارة، وهنا يستخدم أهل نجادة في جانب كبير من البيوت خشب الأركيت، المجمع الذي يتمتع بشكل جمالي أشبه بقماش الدانتيل.
هذه العمارة البسيطة التي ينشئها أصحابها كيفما اتفق بدون رؤية معمارية أو مقاييس دقيقة، والتي يتخلى عنها بعض أصحابها اليوم سعيًا للتحديث ولتقليد اتجاهات المدينة الصناعية الحديثة، صارت اليوم مصدرًا للحلم لأنها رغم بساطتها تحمل كل ما تفتقده العمارة الحديثة، إنها العمارة الإنسانية بامتياز.
عدد 190/إبريل2016