أطفال في سن الخمسين2 من أصل 3
أو تصور – مثلًا – هذا الطراز الآخر، فقد عرفت رجلًا يبلغ الخمسين ومع ذلك عمد في يوم شم النسيم الماضي إلى دعوة سبعة أو ثمانية من أصدقائه كي يقضوا معه هذا العيد في قصف وطرب، فلما كان صباح هذا اليوم بكر إليه الأصدقاء، ولكن ما كان أعظم دهشتهم حين وجدوا باب مسكنه مقفلًا بقفل ضخم والبيت فارغ، فقد سافر داعيهم هو وعائلته إلى بلدة أخرى.
وهذه النكتة العملية يضحك منها طفل، وهي تتسق وألعابه ونكاته، ولكن الرجل الناضج يشمئز من هذا السلوك؛ لأن كلمة الوعد هي كلمة الشرف، ولأنه لا يرضى لأصدقائه هذا الفوت لعيد سنوي جميل.
وهذا الطفل كان أيام طفولته يؤدي هذه الألعاب فيجد التسامح المسرف، فلا نصيحة ولا توبيخ ولا عقوبة، وها هو ذا قد شب فبقي فيه هذا المزاج السخيف يؤذي به أصدقاءه حتى وهو في الخمسين من عمره.
وشبيه بهذا السلوك ما يفعله طفل أو طفلة في سن الثلاثين أو الأربعين حين يرسل إليك تلغرافًا يوم أول أبريل عن نعي فلان من أصدقائك أو أقاربك.
وكلنا يعرف تلك الشخصية الأنانية، رجل في الخمسين أو الستين من العمر، لا يزال ينظر إلى الدنيا وإلى زملائه وأعضاء عائلته وإلى وطنه بتلك الأنانية الاقتنائية؛ إذ يريد أن يقتني ويخطف وينهب، وشعاره في الحياة: أنا وحدي.