أفكار الحركة السريالية
تنبني أفكار السريالية على جوهر فلسفتها، القائمة على مقولتين: الأولى كما سماها بريتون “النقطة العليا” وهي الاعتقاد بوجود نقطة في الفكر ينعدم فيها إدراك التناقض بين المتناقضات كالحياة والموت، اولواقع والخيال، والماضي والمستقبل، وما يقبل التواصل وما لا يقبل التواصل، وما يقبل المنطق وما لا يقبل المنطق. والاهتمام بالبحث عن المتضادات وإيجاد الروابط الخفية بينها ونقاط الالتقاء هو هدف الأديب السريالي، فرؤيته لانعدام التناقضات تلغي الروابط الزمانية والمكانية الواقعية لينتقل بعدها مباشرة إلى عالم الفكر والشعور. أما المقولة الثانية فهي “المصادفة الموضوعية” وتسعى إلى الروابط الطبيعية بين الآلية الذاتية الشخصية والآلية الكلية، أو بين اللاوعي الشخصي الفردي واللاوعي الجماعي واللاوعي الكوني، وبالثالي، فإن كل منتم إلى السريالية، ينتهج في أدبه نهجها النابع من فلسفتها، ويتكئ على أفكارها، التي تكون منارة لإبداعه، ومن أفكارها الآتي:
أن العقل هو أداة تحجيم للإنسان وخياله، فهو يؤطر إبداعه وتعبيره اللامحدود، وبالتالي فلا بد من اطلاق العنان للخيال يعبر بتلقائية بعيدا عن حكم المنطق وسيطرة العقل.
ما يعبر عنه العقل اللاواعي، هو الحقيقة الموجودة داخل الإنسان، ولا يستطيع أن يعبر عنها إلا قوة خياله الناتجة من أحلامه ولا وعيه.
رفضوا الدين والأخلاق واللغة في المجتمع، وسعوا إلى إيجاد لغة جديدة، وتغيير حياة الإنسان.
الاتجاه إلى الغموض في الفن والأدب، كهدف سام لا يمكن الحياد عنه.
وبالتالي، فإن كل من ينتمي إلى هذه الحركة يعتمد على بعض الأفكار النابعة من فلسفها، والتي تساعدهم على إنجاز مختلف الأعمال الأدبية والفنية، وتتمثل هذه الأفكار بالآتي: [٢]
العقلانية أو الوعي البشري يعمل على ضغط وتحجيم خيال الإنسان، مما يجعله عاجز عن الإبداع والتعبير دون حدود.
الأحلام والجزء اللاواعي من عقل الإنسان، يمثل قوة الخيال والقدرة على الإبداع، كما أنه يعبر عن رغبات المرء الحقيقة المدفونة في داخله.
التلقائية هي من أهم وأفضل أدوات العمل الفني والأدبي، وتعني تطبيق الأفكار الأولية دون معالجتها بالمنطق.
هدف السريالية هو تحرير اللغة والأفكار والمعتقدات من قيود العقلانية.
وقد كان أبرز ما يميز المذهب السريالي عن غيره من المذهب، هو حرصه على تقديم كل جديد وحداثي في الأدب والفن من خلال هذه الأفكار، التي تظهر الحقيقة وتعمق أسس الواقع، فقد قال بريتون في بيانه التأسيسي للسريالية: “لقد حاولنا أن نصف الحقيقة الداخلية والحقيقة الخارجية كعنصرين في طريقهما للاندماج لكي يصبحا في النهاية حقيقة واحدة. إن هدف السريالية الأسمى هو هذا التوحيد النهائي، إذ أن الحقيقة الداخلية والحقيقة الخارجية هما الآن في المجتمع الراهن على طرفي النقيض، وعندنا هذا التناقض هو سبب شقاء الإنسان، ولذلك أخذنا على عاتقنا أن نجابه هاتين الحقيقتين الواحدة بالأخرى في كل مناسبة ممكنة، دون أن نجعل لأيهما أهمية أكثر من الأخرى، ولذلك جعلنا نتفحص ما بينهما من تجاذب وتداخل، وفتحنا لتلاعب هذه القوى كل مجال لكي تتقارب هاتان الحقيقتان فتصبحا في النهاية شيئا واحدا”.