ألصِّدِّيقة عائشة
دخَلَتْ عليهِ بِصَحْنِ جَمْرٍ
من نَخيلِ الدّارِ ،
أعجبهُ !
العروسُ بِخمْسِ عشرَةَ سوف تبدأُ
سِيرةَ الأعْذاقِ ،
تبدو مثلَ والِهَةٍ عليهِ ،
ومِثْلُهُ لا شيءَ يُشْبِهُهُ
النبيُّ الشّافعُ المشفوعُ يعشقُ
مَنْ يكونُ حَريرُها لِلْوَحْيِ ،
تَنْقُشُ فوقَهُ الكلماتِ ،
تَشْهدُ ما يُناجي في الليالي الحالكاتِ ،
وما تَقاطرَ من قَفيرِ لسانهِ
في كلِّ أمْرٍ ..
والعروسُ كأنّها حوريّةٌ
بين النساءِ ،
وزَوجُهُ في الأرضِ والفردوسِ ،
لا تَثْريبَ إنْ غَارتْ عليهِ ..
فَمِثْلُهُ لا شيءَ يُشْبِهُهُ
الحبيبُ الكاملُ المبعوثُ ،
قال لِأُمِّنا الزّهراءَ ، وهو على الثباتِ : اذاً
أحِبّي ما أُحِبّ !
***
كأنّ عائشةَ الحُمَيْراءَ الجميلةَ تَسْتَجيرُ
مِن القِراءاتِ التي تَعْمى ..
هيَ باكْتِمالِ السَّرْوِ في وَهَجِ الشّروقِ ،
ولم تكن تَبتاعُ ريحَ الطّيْرِ
في أُرجُوحةِ الأطفالِ ،
كانتْ تُخْبِرُ الأشياءَ ،
عن قَصْدٍ ،
لِنُدْركَ أنّ بيتَ نَبيِّنا مثلُ البيوتِ ،
وأنّه بَشَرٌ بشيرٌ مُرْسَلٌ ،
يمشي ، ينامُ ،
ويعشقُ آمرأةً ، يُداعِبُ ، يشتري ،
يَرضى ويمضي للنهاياتِ الطبيعةِ ،
مِثْلُهُ لا شيءَ يُشْبِهُهُ
الكريمُ المُرْتَضى ، مَن قال :
رِفْقاً بالقَواريرِ البنات .
وَليَ السّحابُ العَنْدَميُّ ،
من الجليلِ إلى العراق ،
وحجارةُ الطَّفِّ المُدَمّاةُ آختِلاجٌ
في البُراق ،
وعلى جبالِ الكرملِ العالي … الذّبيحُ
ورأسُهُ يطفو كنجمٍ أُرجوانيٍّ ،
فتأتيه الخلائقُ والملائكُ
والمَجرّاتُ القَصيَّةُ ، يندبون السِّبْطَ ..
هذا المِسْكُ
بعضُ دَمِ النّبيِّ ، فَمِثلُهُ
لا شيءَ يُشْبِهُهُ
المُحِبُّ المُرْتَجى ، مَن قال :
عائشةُ الحياة !
فكيف تأتيها الظِلالُ ؟
من المواقدِ والظَلامِ ،
أمِ الذين تراقصوا عندَ الزّؤامِ ،
وَأوَّلوا نورَ الحقائقِ
بالطّلاسمِ والحَرام ِ؟
وينهشونَ بَراءَةَ الصِدِّيقةِ العصماءَ !
هذا الإفْكُ هَمْهَمةُ المُنافقِ ،
عنكبوتُ الصّاعدينَ إلى كراهيةِ النّبيِّ ،
فَمِثْلُهُ لا شيءَ يُشبِههُ
العزيزُ المُصطفى ، مَن قال :
هذي أُمُّكُم ،
تهدي إليكم نِصْفَ دّيِني ،
وابنةُ الصِّدّيقِ
مَن يمشي معي لِلسِّرّ ،
مَن صَلّى بِأمْري قبلَ مَوتي ..
والوسادةُ حضنُها الغيميُّ ، هذي
مَن أُحِبُّ مع القرنفلِ والصَّلاة .
والنبيُّ كأنّهُ شمسٌ تُسَجّى
عندَ غَفْوَتِها ،
ليبقى قُرْبَ نَدْهَتِها ،
تُنادي : يا مُحّمد !
قد يُجيبُ ..
فَمِثْلُهُ ، لا شئَ يُشْبِهُ سَيّدي
أو أهْلَهُ في الخَلْقِ ،
مِن طُهْرٍ وروحٍ أو صِفات .