أمثلة على قوة وآلية التفكير
على سبيل المثال، عند مشاهدتك لشيء معين على شاشة الحاسوب أو التلفاز، وأغلقت عينك لتتخيله، فإن القشرة البصرية الأولية تضيء كما تضيء حين تنظر إلى هذا الشيء نفسه على الشاشة.
تخيل نفسك وأنت توقع بيدك التي تكتب بها، على الأرجح سيكون الوقت الذي يستغرقه تخيلك، هو نفس الوقت الذي يستغرقه توقيعك، حاول القيام بالأمر نفسه بيدك التي لا تكتب بها، تجد أن الكتابة والتخيل يستغرقان وقتاً أطول فعلياً، فنظراً لأنّ التخيل والفعل أمران متكاملان ويسلكان الممرات العصبيّة نفسها، فإن ممارسة أحدهما يؤثر على الآخر.
استعانت دراسة متميزة بمجموعتين من الأشخاص، وجعلتهما تمارسان العزف على البيانو لمدة ساعتين يومياً، إحدى المجموعتين كانت تتخيل العزف ولا تملس البيانو، بل يجسليون أمامه ويتخيّلون أنهم يعزفون، النتيجة المدهشة أنّ التغيرات العضوية ذاتها طرأت على القشرة الحركية للمجموعتين على حد سواء، وبعد ثلاثة أيام كانت المجموعتين متطابقتين تماماً في مستوى دقة العزف، وبعد خمس أيام بدأت المجموعة التي تمارس العزف فعلياً تتفوّق بمعدل أسرع، لكن حين أتيحت لمجموعة العزف التخيلي فرصة الممارسة الفعلية، فإنّها سرعان ما استطاعت مواكبة مستوى مهارة المجموعة الأخرى.
ربما تكون أكثر التجارب إثارة للدهشة هي التي استخدمت الخيال في محاولة لتقوية العضلات، فقد مارست كلتا المجموعتين التمارين ذاتها لبناء عضلات الجسد أربعة أسابيع، ولكن إحدى المجموعتين مارست التمارين بعقلها فقط، كانت النتيجة أن الأشخاص الذين مارسوا التمارين الرياضية بدنياً، زادت قوّتهم بنسبة ثلاثين في المئة، أمّا المجموعة التي تخيّلت أنّها تمارس التمارين فقط، زادت قوّة عضلاتها بنسبة اثنين وعشرين بالمئة.
يرجع ذلك إلى أنّ الخلايا العصبية المسؤولة عن تعليمات الحركة كانت لا تزال تُستخدم وتزداد قوّة، ممّا ترتب عليه زيادة القوّة عندما انقبضت العضلات فعلياً، ولذلك إذا كانت أفكارك لا تمتلك قوىً غامضة أو سحرية، فإن الممارسة العقلية طريقة فعّالة للإعداد للمهارات البدنية، وكل فكرة تغيّر من بنية مخّك ووظائفه عن طريق التأثير في الخلايا العصبية على المستوى المجهري.