أهالي طنجة يحولونها حدائق والزوار يرسمون على جدرانها
على غرار جارتها الجنوبية، مدينة «أصيلة» المغربية، التي تبعد أقل من 40 كيلومتراً، بدأت ظاهرة تزيين الأزقة تغزو عدداً من أحياء مدينة «طنجة» شمالي المغرب، حيث أقدم مجموعة من السكان في مبادرة لفتت الانتباه على صباغة الجدران بألوان زاهية، وزراعة النباتات والورود في مزهريات ووضعها أمام مداخل المنازل، أو في الشرفات، إلى حد جعل هذه الواجهات تصبح «حدائق» حقيقية.
تفتح أبوابها للرسامين
هذه الموجة تحمل نسيماً قادماً من مدينة «أصيلة»، التي تعرف بألوان جدرانها البيضاء والزرقاء، والتي تحظى بعناية كبيرة من قبل سكانها، فقد أضفت الجداريات التي تتزين بها شوراع «أصيلة» على هذه المدينة التاريخية رونقاً خاصاً، وجعلت الرسم حرفة أهلها، وهواية يتقاطر فنانون عالميون على هذه الحاضرة المغربية لممارستها، فالبيوت أضحت للرسامين أوراقاً، والشوارع صارت تشبه بزهو ألوانها متاهات معرض تشيكيلي مفتوح أمام العابرين، ما جعل «أصيلة» نفسها تصير «لوحة رسم كبيرة»، تسمح لكل المُبدعين الذين يشد بعضهم الرحال من أقاصي البلدان؛ ليرسموا على جدرانها، ويزوروها بترك آثارهم على جدرانها، فاتحة لهم ساحاتها ودروبها الضيقة أمام إبداعاتهم، مُحتفين بشساعة الفضاء ورحابته، وسعة أفق يمنحها لهم البحر، الذي تستقر في كنفه هذه المدينة المُطلة على الأطلسي، فتصير حاضرة أقرب إلى سجية الطبيعة الأولى ببراءتها، بعيدة عن صخب المدن الحديثة.
مشاركة الجمهور
هذا ما دفع بعدد من المواطنين الذين التقتهم «سيدتي» في أحياء مدينة «طنجة» إلى الاستفادة من التجربة، والعمل بشكل مشترك من أجل تنظيف أحيائهم وتحويلها إلى نموذج يحتذى به على مستوى عاصمة البوغاز «طنجة».
سناء، طالبة من سكان الحي، قالت ل«سيدتي»: إن مثل هذا التلاحم قل نظيره في زمننا، «لذلك بدوري أساهم في تزيين جدران بيت عائلتي؛ لإظهار الحي بالوجه الرائع والمشرف الذي يجسد العلاقات الوطيدة بين العائلات القاطنة فيه».
ولم يتخلف سكان بعض أحياء «طنجة» عن تبني هذه المبادرة التي تعتبر الأولى من نوعها في مدينة «طنجة» الشهيرة؛ إذ بدأت تنتشر في شوارعها وأزقتها مواهب متعددة لشباب يهوى الفن التشكيلي، من خلال رسمهم للوحات فنية على جدران المنازل. ويحرص أصحاب المبادرة على زراعة النباتات والورود في مزهريات ووضعها أمام مداخل المنازل، أو في الشرفات، إلى حد جعل هذه الواجهات تصبح «حدائق» حقيقية. من يتجول في هذه الأزقة يلاحظ أن هناك مجهودات كبيرة تبذل في المجال البيئي؛ حفاظاً على جمال المدينة، فقد أسهمت طبيعة المنازل القديمة بشكل كبير في ترسيخ هذه العادة.