«أوبك» تتعهد بالتدخل من جديد في حال تراجع النفط إلى 40 دولارا
مالت أسعار النفط الخام إلى الاستقرار النسبي بعد عدة مكاسب قياسية سابقة، نتيجة ارتفاع إنتاج دول “أوبك” وروسيا قبل البدء في تطبيق خطة خفض الإنتاج مطلع يناير المقبل، وذلك وفق ما توصل إليه الاجتماع الوزاري لمنظمة أوبك الأسبوع الماضي الذي يقضي بخفض إنتاج دول المنظمة إلى 32.5 مليون برميل يوميا، مع تحديد حصص الخفض لكل دولة وإعفاء ثلاث دول هي إيران وليبيا ونيجيريا.
وتترقب السوق نتائج اجتماع منتجي “أوبك” مع المستقلين في فيينا السبت المقبل، لتوقيع اتفاق مشترك لخفض الإنتاج وهو الاجتماع الذي سيحدد شكل التعاون المشترك بين كل المنتجين في الفترة المقبلة، حتى الآن لم يتضح عدد الدول المشاركة في خفض إنتاج النفط من خارج “أوبك”، باستثناء روسيا التي تعهدت بخفض 300 ألف برميل يوميا من أصل 600 ألف برميل متوقعة الخفض من قبل المنتجين المستقلين.
ورجحت مصادر في السوق نجاح اتفاق خفض الإنتاج بين “أوبك” والمستقلين، حتى إن اقتصرت المشاركة من خارج “أوبك” على روسيا، حيث أكد الكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي مشاركته في اجتماع السبت في فيينا لبلورة الملامح النهائية لخطة خفض الإنتاج.
ومن المعروف أن الرئيس الروسي فيلادمير بوتين يدعم خطة خفض الإنتاج ويؤيد التنسيق والتعاون المشترك مع منظمة أوبكر، كما أنه قاد اتصالات شخصية مع كبريات شركات النفط في روسيا لبحث آليات تطبيق الخفض، في ضوء قناعة منه بدور روسيا الرئيس في السوق وللتأكيد على أن تعافي الأسعار، سينعكس على موارد الدول المنتجة على نحو واسع في الفترة المقبلة.
وأبدت السوق ارتياحها لنتائج مباحثات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، مع نظيره الأمريكي أرنست مونييز في الرياض التي تعهد خلالها الفالح بدعم السعودية للاستقرار في سوق النفط الخام وتلبية أي مستويات من الطلب على النفط الخام سواء من الولايات المتحدة أو غيرها من دول الاستهلاك.
وفى سياق متصل، قال محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك “إن اتفاق فيينا الأخير كان نتاج اتصالات مستمرة وحوار بناء، جمع كل أطراف الصناعة”، مشيرا إلى أن المواقف المرنة والفعالة للمنتجين في “أوبك” لعبت دورا رئيسيا في تحقيق هذا النجاح، منوها بأن “أوبك” متمسكة بالحفاظ على العمل المستمر والمتطور للحفاظ على دورها المؤثر والكبير في دعم التوازن في السوق.
وأضاف باركيندو – في ختام أعمال مؤتمر نفطي في نيودلهي استمر ثلاثة أيام – أن “أوبك” تؤكد أن جميع الدول الأعضاء في المنظمة تعمل من أجل الحفاظ على الالتزام الثابت تجاه ضمان إمدادات طويلة الأجل في السوق، مشيرا إلى أن الدول الأعضاء ستركز على زيادة الاستثمار بكثافة في كل من مشاريع المنبع والمصب، وذلك على الرغم من الزيادات الأخيرة في التكاليف وعلى الرغم من النقص المستمر في العمالة الماهرة في جميع مجالات الصناعة.
وأشار باركيندو إلى أن وضع الاقتصاد العالمي بشكل عام يضيف مزيدا من التحديات المستمرة الأخرى ومنها الشكوك بشأن معدلات النمو الاقتصادي العالمي إلى جانب السياسات البيئية والشكوك بشأن الوضع السياسي في عديد من الدول المنتجة والمستهلكة للنفط، مؤكدا أن حالة عدم اليقين يمكن أن تكون مكلفة جدا بالنسبة إلى منتجي النفط.
من جانبه، قال ل “الاقتصادية” أندرياس جينى؛ مدير شركة ماكسويل كوانت للخدمات النفطية، “ن هدوء الأسعار في المرحلة الراهنة أمر طبيعي في ضوء جني الأرباح بعد مكاسب قياسية سابقة، وفى ضوء لجوء كبار المنتجين إلى زيادة إنتاجهم خلال الشهر الجاري قبل بدء تطبيق اتفاق خفض الإنتاج مطلع العام الجديد”.
وتوقع نجاح اتفاق السبت المقبل وانضمام عدة منتجين مستقلين إلى جانب روسيا، مشيرا إلى صعوبة أن تعود الأسواق إلى أجواء 2014 مرة أخرى التي شهدت في النصف الثاني من هذا العام حالة من التخمة الشديدة في المعروض والتسابق الإنتاجي بين المنتجين، مؤكدا أن المنتجين لا يرغبون في تكرار تلك الأزمة وهناك رغبة واسعة في تعميق العمل المشترك والحفاظ على الأسواق مستقرة ومتوازنة.
من ناحيته، أوضح ل “الاقتصادية” سيفين شيميل؛ مدير شركة في جى إندستري الألمانية، أن المباحثات السعودية الأمريكية جاءت في وقت دقيق تعيشه سوق النفط الخام حيث يتجه المنتجون إلى بناء علاقات أوثق من التعاون، مشيرا إلى أن تأكيد السعودية على دعم استقرار السوق وتأمين الإمدادات المطلوبة مع نمو الطلب، هو رسالة طمأنة للأسواق من أكبر منتج للنفط الخام بضرورة الحفاظ على سياسات رشيدة تحفظ السوق مستقرة.
وتوقع أن يكون نشاط إنتاج النفط الصخري الأمريكي محدودا مع التحسن التدريجي في الأسعار دون إغراق الأسواق، كما حدث في فترات سابقة، منوها بأن النفط الصخري على الرغم من انتعاش الأسعار سيتقلص نسبيا خلال العام المقبل بحسب تقديرات عديد من المنظمات الدولية.
من جانبه، بين ل “الاقتصادية” ايفليو ستايلوف المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، أن “أوبك” أخذت منحى مهما بالتوصل إلى اتفاق الجزائر ومن بعده اتفاق فيينا، مشيرا إلى أن المنظمة تعطى أولوية لتنظيم السوق وتوفير كل الظروف التي تكفل عودة انتعاش الاستثمارات النفطية مرة أخرى بعد عامين من كساد واسع بسبب تهاوي الأسعار.
وقال “إن اجتماع السبت المقبل سيشهد مشاركة جيدة من المنتجين من خارج “أوبك”، لأن الجميع أدرك أن هناك خطوات جماعية جادة لاستعادة التوازن في السوق ولاستكمال ما تحقق من إنجازات في الدوحة والجزائر وفيينا”.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، تماسكت أسعار النفط أمس في الوقت الذي يترقب فيه المستثمرون ما إذا كانت “أوبك” وروسيا ستنفذان تخفيضات في الإنتاج جرى التعهد بها للقضاء على تخمة المعروض التي تعانيها الأسواق منذ أكثر من عامين.
وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت عشرة سنتات للبرميل بحلول الساعة 0950 بتوقيت جرينتش، فيما صعد سعر الخام الأمريكي الخفيف 15 سنتا إلى 51.08 دولار للبرميل.
وارتفعت أسعار النفط بما يصل إلى 19 في المائة، بعد أن أعلنت منظمة الدول المصدرة للبترول وروسيا الأسبوع الماضي عن تخفيض الإنتاج العام المقبل في مسعى لدعم الأسواق، لكن شكوكا نشأت بشأن ما إذا كانت التخفيضات المزمعة كبيرة بما يكفي كي تستعيد السوق توازنها.
ومنذ الإعلان عن الاتفاق أعلنت “أوبك” وروسيا عن مستويات قياسية من الإنتاج، فيما أبدى الإنتاج في مناطق أخرى مرونة أيضا.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أمس الأول، “إنها تتوقع انخفاض إنتاج النفط المحلي لعامي 2016 و2017 بأقل من التوقعات السابقة”.
وقالت نيجيريا العضو في “أوبك”، “إنها تتطلع إلى زيادة إنتاجها النفطي إلى 2.1 مليون برميل يوميا في كانون الثاني (يناير)، ارتفاعا من 1.9 مليون برميل يوميا في الوقت الحالي”. وأعفت “أوبك” نيجيريا من الخفض. وتفوق وتيرة إنتاج النفط معدل الاستهلاك بنحو مليون إلى مليوني برميل يوميا منذ أواخر عام 2014.