أيّ دور للصحافة المكتوبة في نشر الأدب والثقافة؟

[caption align="aligncenter"]أيّ دور للصحافة المكتوبة في نشر الأدب والثقافة؟[/caption]

بيروت- من ليندا نصّار: بات واقع الصحافة اليوم في لبنان يطرح تحدّيات جديدة على العاملين فيها، لاسيّما بعد أن أصبحت الأيديولوجيا السّافرة تهدّد حياديتها، ممّا يجعلنا كباحثين نفتح حلقة من الحلقات المعرفية لتحصين الذات الإعلامية، والبحث عن التوازن بدل الاختلالات التي يعرفها الخطاب الإعلامي. الصحافة الّتي كان لها تأثير مباشر على الرأي العام وصناعة القرار السياسيّ والثقافيّ والهويّاتيّ، في مرحلة زمنيّة معيّنة، وبعد أن نشرت الأدب والثّقافة أصبحت اليوم مهدّدة، خصوصا في ظلّ هيمنة الثّقافة الرّقميّة. ما يعنينا في هذا التّحقيق هو الإضاءة والتّذكير بدور الصّحافة في نشر الثّقافة والأدب، وسنحاول التّوضيح من خلال آراء بعض الشّعراء والصّحافيّين المسؤولين عن الأقسام الثّقافيّة في الجرائد. لفت الشّاعر والنّاقد حسين بن حمزة، مسؤول الملحق الثقافي في جريدة «الأخبار»، إلى أنّ الدور الذي لعبته الصفحات الثقافيّة في الصحف اليوميّة في نشر الأدب والنصوص الأدبيّة والنقد الأدبيّ، هو دور أساسيّ وجوهريّ، ويكاد يكون هو الأكثر تأثيرا في حركة الأدب وتطوّره، وظهور نبرات وحساسيّات جديدة فيه. الصحافة (وقد عُنيت بها المجلات الأدبية والملاحق الثقافيّة الأسبوعيّة أيضا)، شكّلت الفضاء الأوسع والأكثر حركيّة وحيويّة، مقارنة بحال الأدب والثقافة في الجامعات، حيث بقيت أغلب الممارسات الثقافيّة والأدبيّة، أسيرة مدرّجات الكلّيّات، وظلّت ضعيفة التواصل مع ما يحدث في الصحافة اليوميّة. وقد أكّد أنّه يمكن القول إنّ المراجعات النقديّة في الصحف، باتت أكثر تأثيرا من المؤلفات النقديّة الأكاديميّة، التي لا يزال معظمها، مرتهنا للتشريح النصّي البارد والمعتمد على منهجيات شبه جامدة. بالنّسبة إليه إنّ الشعراء والكتّاب أنفسهم، صار حضورهم في الصحافة مقياسا لما يُكتب عنهم من نقد ومراجعات، بل إنّ الصحافة صنعت دورة حياة ثقافيّة وأدبيّة بين المؤلفين والقراء والنقاد، من خلال الأخبار الثقافيّة التي تنشرها الصفحات الثقافيّة حول آخر الإصدارات والأمسيات والأحداث الأدبيّة والثقافيّة. وفي الإطار نفسه أوضح الشاعر والصحافي غسان علم الدين انتماءه إلى الثقافة المنتشرة عبر الصحافة المكتوبة. وهذا دأب كلّ المجتمعات ما قبل الثورة الصناعيّة التي كرّست نوعا آخر من الانتشار الثقافيّ، بفعل بروز ظاهرة المذياع. وقد تنامت وازدهرت وانتشرت الثقافة مع ظهور التلفاز. بالنّسبة إليه إنّ هذين الاختراعين: «راديو وتلفزيون» ساهما إلى درجة كبيرة، وأثّرا سلبا في تفرّد الصحافة المكتوبة :«جرائد ومجلات»، في الحدّ من سطوة واحتكار الانتشار الثقافيّ عبر النوعين الأخيرين المذكورين. وأشار علم الدّين إلى أنّنا لم نعد نرى إلى حدّ كبير مسرحيات مكتوبة أو روايات أو سيرة ذاتية مطوّلة. إلّا أنّ الصحافة المكتوبة – عالميّا ومحلّيّا- وجدت لنفسها تمايزا عن التلفزيون والإذاعة، بفضل اعتماد سياسة عدم نشر الموادّ التي يتمّ بثّها عبرهما، وعدم السماح للأسماء الصحافيّة والأدبيّة الكبيرة بالظهور فيهما، وبعدم إعطائهما موادّ ومقالات وكتابات من أسماء كهذه. وأكّد الصّحافيّ أنّه ضمن هذا الواقع، لقد تمكّنت الصحافة المكتوبة من أن تحافظ على دورها وخصوصيتها في نشر الثقافة، والبحث عن المثقّفين والشعراء والأدباء والمبدعين، وإعطائهم الفرص، والمساهمة في نشر أعمالهم ونصوصهم، التي لا يعمل التلفزيون ولا الإذاعة على احتضانها في بداياتهم، حيث كانا يأخذان بعض أصحاب هذه المواهب بعد ولادتها، وظهورها، واكتسابها الخبرات، والمهارات الكثيرة. وقد اعتبر علم الدّين أيضا أنّه على الرّغم من كلّ هذا، لقد ظلّت الصحافة هي صاحبة السطوة»صاحبة الجلالة» الّتي يخشاها المذيعون والممثلون ومقدمو البرامج والسياسيّون. وقد ساهم في هذا الأمر أنّ أغلب من يديرون ويحرّرون الصفحات الثقافية في الصحف والمجلات هم من الشعراء والكتّاب، وهؤلاء في أعماقهم وفي جوهرهم يميلون إلى مزاولة أعمالهم ونشاطاتهم بعيدا عن الضوء والشهرة. وعبّر الياس العطروني الروائيّ ومسؤول القسم الثّقافيّ في جريدة «اللّواء» قائلا: «للصّحافة دور أساسيّ في بناء حالة ثقافيّة تتناسب مع دور لبنان الثّقافيّ التّاريخيّ إقليميّا وعالميّا. ويجب ألا ننسى أنّ الصّحافة اللّبنانيّة لعبت دورا أساسيّا في الحالة الثّقافيّة والصّحافيّة العربيّة عموما خارج حدودها، حتّى أنّنا لو نظرنا إلى تاريخ الصّحافة المصريّة لأدركنا أنّ هناك وجودا لبنانيّا رئيسيّا في تأسيسها. وللصّحافة أيضا دور شبه يوميّ ليس على صعيد متابعة الوضع الثّقافيّ فحسب إنّما في المساهمة أيضا في بناء حالة ثقافيّة جيّدة وهذا ما تقوم به الصّفحات الثّقافيّة في لبنان. الصّحافيّ والناقد رؤوف قبيسي كان له رأي أيضا حول هذا الموضوع، إذ تطرّق إلى التّقصير الّذي تعانيه الجامعات العربيّة، مقارنا إيّاها بالجامعات الغربيّة، منوّها بدور الصّحافة الأساسيّ في انتشار الأدب، وقد عبّر بقوله: «حين نتحدّث عن الأدب بأجناسه المختلفة من قصّة ونثر وشعر، نجد أنّ هناك تقصيرا كبيرا بين آداب الأمم العربيّة مقارنة بآداب الأمم الأخرى، السّبب هو أنّ دروس الآداب في الجامعة العربيّة غير جيّدة ومستوى التّعليم ضعيف، فلا لغة تعليم حقيقيّة. في دول فرنسا وألمانيا النّصّ سهل، وذلك لأنّهم تعلّموا في مدارسهم لغة راقية، والأساتذة يدرّسون أكثر من لغة كاللاتينيّة واليونانيّة…أعني أنّ الصّحافة نشرت الأدب أكثر من معلّمي اللّغة العربيّة، وأضاف: «حين أتحدّث عن الصّحافة العربيّة، أتحدّث عن صحافة الخمسينيّات والسّتّينيّات والسّبعينيّات إلى حدّ ما في مصر والعراق وسوريا، وإلى حدّ ضئيل في لبنان. الأمر يعود إلى أنّ شعوب هذه الدّول اختلطت بالثّقافات الأوروبّيّة وقد انعكس ذلك على طبيعة اللّغة في الصّحافة العربيّة. لقد حلّت الصحافة العربيّة محلّ الجامعات، فارتفع مستوى الشّعر والقصّة وسبب ذلك يعود إلى الصّحف الرّاقية منها واطّلاع الشّباب على ثقافات أخرى ومطبوعات عربيّة». أمّا الشاعر وديع سعادة فقد عبّر عن الدور الكبير للصحافة في تعريفنا على الأدب المحلّيّ والعالميّ على السواء. بالنّسبة إليه في غياب الصحافة، سينحسر هذا الدور بالتأكيد. ويتساءل «هل سيملأ الإنترنت هذا الفراغ؟». ثمّ يوضح بقوله: «ربما يملأ ولكن إلى حدّ ما، محدود ومجزوء، بل أكاد أقول: في هذا العصر، لا الصحافة ولا الإنترنت سيسدّان الفراغ الثقافيّ، إذ لم يعد هناك قرّاء للصحف، وقراء الإنترنت في معظمهم ليس لديهم همٌّ ثقافيّ». وأشار الشّاعر سرجون كرم إلى أنه كان من أهمّ عوامل عصر النهضة العربية، نشوء المطبعة العربيّة والصحافة. وهذه الصحافة ساهمت بشكل كبير في نقل العلوم والمعارف. في مجلّة «المقتطف»، التي أسّسها يعقوب صرّوف في مصر، أفضل مثال على نقل الآداب والعلوم والأفكار، وأخبار الاختراعات الغربيّة إلى القارئ العربيّ. فبالنّسبة إليه، من جهة اطّلع القارئ العربيّ على أفكار جديدة خارج المؤسّسة العربيّة التقليديّة. ومن جهة أخرى، جرت أكبر حركة تحديث للّغة العربيّة من ناحية اشتقاق ألفاظ جديدة، وإيجاد تسميات للمخترعات الغربيّة. نشر الأدب والثقافة يكون عبر وسائل الإعلام المرئة. ما لم يقع التصدي لبروتكول السيطرة على وسائل الإعلام من قبل الصهيونية العالمية فإن الأدب أو الثقافة كلاهما موؤود في مهده حيث الصحف الورقية والرقمية. ترى الإشهار في وسائل الإعلام المرئية لكل شقيقة ورقيقة إلا للأدب والثقافة غير بعض برامج ثقافية لا تسمن ولا تغني من جوع يُعرض عنها المشاهد لما يغلب عليها من عدم وجود للثقافة. عندما تتغير العقلية بأن تأخذ الكتب الجرائد والمجلات والمسرح، المحتكر، حيزا هاما من تلك الوسائل الإعلامية فإن الإنسان تتغير حياته إلى الأحسن. اهلا بكم و صفحتكم،من ضمن الاطار الثقافي و الادبي اريد ان انشر قصيدتين كتبها في غربتي عن ما حدث بحلب لانني عشت مدة 20سنة بحلب ثم غادرتها الى فرنسا كما كتبت عن تدمر قبل تحريرها فانني اريد ان انشرها لكي نعرف ما نعيشه عندما نرى شعبنا ضحية للمنافع الا قتصادية و السياسية العالمية ولم يبقى الا اقلامنا …و شكرا لكم و دوركم الاساسي في نشر الاداب و الثقافة.

]]>