إهانة الطفل أمام الناس
كثيرا ما يصدر عن الطفل سلوكيات تكرهها الأم، والأسوأ أن يحدث منه ذلك أمام الناس. وهنا تسرع الأم لردع طفلها وزجره، الذي غالبا ما يتم بأسلوب مهين للطفل. وعلى الرغم من أن الكثير من الأمهات يعلمن التأثير السلبي الذي تتركه إهانة الطفل أمام الناس، إلا أن الإحراج الذي يشعرن به جراء تصرفات الأطفال العفوية يدفعهن إلى الضرب أو السب أو رفع الصوت أو غير ذلك مما يسبب الشعور بالإهانة والخزي للطفل. إن تحكم الأم في انفعالها وغضبها هو مربط الفرس الذي يمكنها من التعامل بشكل صحيح مع الموقف، بحيث تتمكن من إيقاف الطفل عما يقوم به من تصرفات غير لائقة دون أن تلحق به الأذى. وهذا لا يعني أن تقوم بتلقينه وإعطائه درسا في الأخلاق أمام الناس، حيث لا يقل ذلك ضررا عليه من السب أو الضرب أو رفع الصوت، حيث أن تقديم النصيحة له على الملأ تعتبر فضيحة له. ولكن المطلوب في هذه المواقف هو تأجيل الكلام والتأديب لحين العودة إلى المنزل، وعندها سيكون الطفل أكثر استعدادا لتلقي أي معلومة.
إن احترام الأبوين للطفل وتعاملهما معه على أنه بشر يستحق التقدير ولا يمكن إهانته يعود بالنفع عليه وعليهما في الوقت ذاته؛ فالطفل الذي يشعر بقيمته واحترام المحيطين به له غالبا ما يتصرف بأسلوب حكيم محترم يليق به، لأنه يرى نفسه ذات قيمة في أعين المحيطين به، كما أنه يبادل أبويه وجميع المحيطين به نفس الاحترام. على عكس الطفل الذي يتعرض للإهانة ويعتادها؛ فإنها أبدا لا تزجره ولا تنهيه عما يقترف، كما أنه يتعامل بالأسلوب المهين نفسه مع من حوله. وأنا أذكر ذلك الطفل الذي قامت أمه بضربه في الشارع أمام الناس، فما كان منه إلا أن ضربها بشكل مهين للغاية كما فعلت هي معه. ولو تمعنا في موقف كهذا، فإننا نحاسب الكبير قبل الصغير، فهو القدوة والمعلم الذي يكتسب منه الطفل أسلوب التعامل والأخلاقيات. ولو كان هو يتعامل بشكل غير لائق، فهل يتوقع من الطفل أن يكون خلوقا؟