يقول ارسطو فى مقدمة كتابه ( الاخلاق النيقوماخية ) ” ان كل فن وكل فحص ، وكذلك كل فعل واستقصاء انما يقصد به ان يستهدف خيرا ما ، ولهذا السبب فقد قيل بحق ان الخير هو ما يهدف اليه الجميع ” ويفصل الغايات من الافعال واختلافها ، فيتساءل ( فما هو اذن الخير فى كل واحد منها ؟ ) اليس هو الشئ الذى من اجله يصنع كل الباقى ؟ ) ويعدد الامثلة التى يشرح بها رايه فيقول : ( فى الطب مثلا هو الصحة ، وفى فن الحركات العسكرية هو الظفر ، وهو البيت فى فن العمارة ، وهو غرض اخر فى فن اخر . لكن فى كل فعل ، وفى كل تصميم ادبى ، الخير هو الغاية نفسها التى تبتغى .
واذا كانت الغائبة ظاهرة من الطبيعة ، فهى فى الانسان اظهر والاخلاق باعتباره علم عملى – والعمل يتجه بالضرورة الى تحقيق غاية – ومن ثم اصبح من الطبيعى ان يبدا بحثه فى تحديد غاية الحياة ، لان الغايات متعددة ومترتبة فيما بينها ، لكن لابد من التوقف عند حد لتسلسلها وهى الغاية القصوى التى تحتفظ بقيمة ذاتية وهى غاية الافعال جميعا ( هذه الغاية هى من غير شك الخير الاعظم وان معرفتها لتهمنا الى اكبر حد ، لان على معرفة الخير يتوقف توجيه الحياة ) .
ويحدد ارسطو تعريفه للسعادة كفاية قصوى بقوله ( على هذا فالسعادة هى اذن على التحقيق شئ نهائى كامل مكتف بنفسه ، مادام انه غاية جميع الاعمال الممكنة للانسان ) .