ويختلف الناس فى فهم السعادة حيث يقسمهم ارسطو الى مراتب ثلاث من حيث السلوك الاخلاقى ، فالطبائع العامية الغليظة ترى السعادة فى اللذة ، اذ يختار اكثر الناس بمحض ذوقهم عيشة البهائم – وضد هؤلاء اصحاب العقول الممتازة النشيطة وغايتهم تحقيق السعادة فى المجد – او الكرامة السياسية – تبقى المرتبة الثالثة من مراتب السلوك الاخلاقية وهى مرتبة حياة الحكمة والتامل او العيشة التاملية والعقلية وهى السعادة الحقة عند ارسطو .
وقد اتخذ ارسطو منذ البداية نفس موقف سقراط وافلاطون فى محاربة اللذة ، واعتبر السعادة غاية قصوى لافعال الانسان ، وها نحن نلاحظ فى تقسيمه للسلوك الاخلاقى ان الاقتصار على اللذة تجعل الانسان فى مرتبة البهائم ، ذلك ان الانسان يتميز عن سائر الكائنات بالعقل – وكمال وجوده مرهون بتاديته لهذه الوظيفة ، لانه يشارك النبات فى النمو والحيوان فى الحس ، ولكنه ينفرد دونهما بالتامل العقلى ( ومن ثم كانت مزاولة التامل اكمل حالات الوجود الانسانى ) .
صلة السعادة بالفضيلة :
وترتبط الفضيلة بالسعادة فى مذهب ارسطو ، فيقول ( ما دام ان السعادة على حسب تعريفنا هى فاعلية ما للنفس مسيرة بالفضيلة الكاملة يجب علينا ان ندرس الفضيلة ، وسيكون هذا وسيلة عاجلة لتجديد فهم السعادة ذاتها ايضا ) .