الاعضاء في الكرامه التي ذكرناها .
وجب أن يكون لما يصل إلينا من عطيات الخالق عز وجل التي لاتحصي حتي يقابل عليه ، وذلك أن من أعطي خيرا ما وإن كان قليلا ثم لم يرد أن يقابله بضرب من المقابلة فهو جائر .
فكيف به إذا اعطي جما كثيرا للأخذ أخذا دائما ثم لميعط في مقابلته شئ البته .
ثم على قدر النعمه التي تصل إلى الإنسان يجب أن يكون اجتهاده في المقابلة عليها .
مثال ذلك أن الملك الفاضل اذا من السرب وبسط العدل وأوسع العمارة وحمي الحريم وذب عن الحوزة ومنع التظالم ووفر الناس على ما يختارونه من مصالحهم ومعايشهم .
فقد احسن إلي كل واحد من رعيته احسانا يخصه في نفسه وإن كان قد عمهم بالخير واستحق من كل واحد منهم أن يقابله بضرب من المقابلة متي تعد عنه جائرا ، اذ كان يأخذ نعمته ولا يعطيه شيئاً .
لكن مقابله الملك الفاضل من رعيته إنما تكون باخلاص الدعاء ونشر المحاسن وجميل الشكر وبذل الطاعه وترك المخالفة في السر والعلانيه والمحبة الصادقة والائتمام بسيرته نحو الاستطاعة والاقتداء به في تدبير منزله وأهله،وولده وعشيرته فأن : نسبة الملك الي مدينته ورعيته كنسبه صاحب المنزل الي منزله وأهله .
فمن لم يقابل ذلك الاحسان بهذه الطاعه والمحبة فقد جار وظلم ، وهذا الظلم والجور اذا كان في مقابلة النعم الكثيره فهو الوحش واقبح،وذلك أن الظلم وان كان في نفسه قبيحا فإن مراتبه كثيره ، لان مقابله كل نعمه إنما تكون بحسب منزلتها وموقعها ، وبقدر فائدتها وعائدتها ، وعلي مقدار عددها ، فان كانت النعم كثيره العدد وعظيمة الوقع فكيف تكون حال من لا يلزم لها حقا ولا يري عليها مقابلة بطاعة والشكر ولامحبه صادقه ولا مسعاة صالحة ، فأذا كان هذا معروفا غير منكور واجبا غير موجود من