أساتذتها المجربين وقادتها المحنكين ، ونفس المثل العليا التى عملوا تحقيقها والمبادئ التى انتصروا لها ترجع أصولها الى الأجيال التى سبقتهم ، ولقد أثر نابيليون وبسمارك فى حياة عصرهما أبلغ تأثير ، ولكن نابليون أقام امبراطوريته على أنقاض الثورة الفرنسية وبقايا العهد القديم وجمع من الفوضى الغامرة أشتات النظام المبدد ، واستغل ولع الفرنسيين بالمجد والعظمة . وبسمارك عرف كيف يحقق ما كان يطمح اليه الشعب الألمانى وأتم العمل الذى بدأته أسرة الهوهنزلرن ، وفى العصر الحاضر ساعد على ظهور هتلر ما لحق الألمان من الغبن فى معاهدة فرساى وشعورهم باهدار الكرامة وجرح العزة القومية ، كما مهد السبيل لموسولينى الخوف الذى خالج بعض الطبقات الاجتماعية فى ايطاليا من انتشار الاشتراكية المتطرفة وسريان عدواها .
والمخترعون يظهرون أثر العبقرية الفردية وسمو شأنها فى الابتكارات ، لأن فكرة الاختراع تتنزل عليهم كالوحى المفاجئ ، ولكن مما هو جدير بالملاحظة أن الكثير من الاختراعات تتنزل عليهم كالوحى المفاجئ ، ولكن مما هو جدير بالملاحظة أن الكثير من الاختراعات الصناعية كانت نتيجة تحسسات متوالية وتكميلات متعاقبة للعمل الاجتماعى أثر كبير فى خلق الجو المناسب لها وتهيئة الفرصة المواتية لظهورها ، وانما يصير الفرد دوره فى التاريخ اذا تعاون فى العمل مع أفراد لهم نفس اتجاهاته المنشودة وغاياته المرومة ، ولا مفر له من أن يضحى بمثله الأعلى الفردى من أجل المثل الأعلى الاجتماعى .
وتاريخ العلوم يرينا أثر الفرد فى ابتكار النظريات وطرافة الملاحظات وتأسيس المذاهب لأنه مهما يشتغل عدد كبير من الناس بالعلوم فان كشف القوانين واستجلاء الغوامض سيظل مرتهنا بظهور الأفذاذ ، وكل تقدم فى العلوم والآداب والسياسة والفن والدين كان
