الدوام متجهة الى الفرد أو الى الحوادث فى صورتها المنقطعة النظير .
وقد شايع هذا المذهب من بعض الوجوه تولستوى ، فان روايته العظيمة عن الحرب والسلام ترينا فى صورة واضحة أخاذة كيف أن الفرد مهما ترتفع مكانته ويعظم نفوذه فانه ريشة فى مهب الحوادث ، ولا حيلة له تجاه الظروف وأحكام الأحوال .
وهذا المذهب يسرف فى تقليل أهمية الفرد ومحو أثره ، وقد كانت حياة المفكرين القائلين به مثلا حيا فى نقده ، فكارل ماركس مثلا وهو من موطدى أركان هذا المذهب يبين قوة الخلق فى الأفراذ ، وتأثيره فى ايقاظ الطبقات الفقيرة لا امتراء فيه .
والرأى الثالث هو محاولة ادماج النظريتين ، النظرة الذاتية التى تنتصر للبطل ، والنظرية الموضوعية التى تؤيد الوسط ، فالبطل نتيجة للتطور التاريخى وهو كذلك عامل من عوامل الخلق فى التاريخ ، وهذا الرأى موفق بين الرأيين المتناقضين فى الظاهر لأن الواقع أن كليهما غير كاف بنفسه ، والحقيقة أن التاريخ مزيج غريب من الجبرية الحاسمة والمصادفة العجيبة ، ومن شأن المصادفة أن تلطف من حدة الجبرية وتثنى من عنانها ، والعلاقة بين الثقافة والعقل الفردى تبدو أول وهلة علاقة متناقضة المظهر ، لأن الثقافة من ناحية تنبعث من العقل الفردى ، ومن ناحية أخرى تصوغ العقل الفردى على أنماطها وترغمه على العمل فى دائرتها ، ولو حللنا كل ثقافة أمكننا أن نرد كل عنصر من عناصرها الى عقل فردى خالق ، ولكن العقل الخالق من ناحية أخرى لا يستطيع أن يبتكر ثقافة وانما هو يتلقاها ويضيف اليها ، ولا يمكن انكار قيمة العظماء