5من اصل5
هناك العديد من النماذج البشرية التي كان يجري الزج بها في السجن أمثال “المتشردين العاطلين، والأشخاص سيئي السلوك والتصرف، والأفَّاقين، ولاعبي الورق والنرد، والمُجدِّفين على اسم لله، والقوادين، والشحاذين سليمي الجسد القادرين على العمل الذين بإمكانهم كسب معيشتهم بطريقة أخرى غير التسول…..” وقد سار برلمان باريس على الدرب نفسه حين أصدر في عام ١٥٣٢ قرارًا يقضي بإرسال المتسولين الأصحاء لتسليك وتنظيف مصارف المياه بباريس، ولتنظيف الشوارع والمجاري، وللعمل في المناطق المحيطة بالحصون والأسوار. وسيتم إطعامهم وإيواؤهم، ولكن مع الحرص على “إخضاعهم بشدةٍ وقسوةٍ قدرَ الإمكان”. وقد صدر مرسوم ملكي مماثل في ٢٦ مايو 1537، ، وتم تعميم سريانه على المملكة بأكملها.
أما هنري الثاني، الذي تولى المُلك في عام ١٥٤٧ خلَفًا لأبيه، فقد أصدر في العام نفسه لتوليه الحُكم بيانًا أشد قسوة وصرامة أوضح فيه أن الفقراء الحقيقيين المعاقين جسديٍّا محرومون من الصدقات بسبب المتسولين والشحاذين سليمي البنية؛ لذا سيتم إجبار هؤلاء المدَّعين على العمل في الأشغال العامة، وسيتم وضع المعاقين المشردين الذين لا مأوَى لهم في المشافي. غير أن الإصدار المتكرر لقرارات الحظر وتغليظ العقوبات يُظهر بشكل واضح أن هذه المعركة لا نهاية لها.
في الوقت نفسه، أصبحت المساعدات منحصرة في مقرات مركزية: ففي عام ١٥٣١، أنُشِئ المركز العام لتوزيع الصدقات في ليون، كما تم تأسيس مكتب للفقراء في روان في عام ١٥٣٤ ، ومكتب كبير للفقراء في باريس في نفس العام. واجتيحت باريس من قِبل المتسولين، ولاسيَّما أنهم كانوا يأتون من جميع أنحاء المملكة. وكانت هناك مخاوف من انتشار الطاعون “الذي طالما حفظ لله المدينة منه”. وتمثل الابتكار الأعظم في تعيين منشأة خاصة للشريحة الواسعة من المتشردين العاجزين، والتي تنقسم ما بين “الفقراء الحقيقيين”، المراد إبقاؤهم في المناطق الرعوية التابعين لها على أن يتم إرسال المعونات لهم في مقارِّ إقامتهم؛ والمتسولين سليمي الجسد المراد طردهم من باريس. ومن الجدير بالذكر أن مَجْذَمَة سان جرمان (الخالية من المجذومين)،