احتلال فرنسا للجزائر
بادرت فرنسا فى “مؤتمر فيينا ” 1814/1815م بطرح موضوع ” إحتلال الجزائر” فاتفق المؤتمرون على تحطيم هذه الدولة فى مؤتمر ” إكس لا شابيل ” عام 1819م، فوافقت 30 دولة أوروبية على فكرة القضاء على ” دولة الجزائر “، حيث أسندت المهمة إلى فرنسا وإنجلترا، وبدأت البلدتين في تدمير الأسطول الجزائري في معركة “نافاران” NAVARIN سنة 1827م، حيث كان في نجدة الأسطول العثماني وبذلك انتهت السيطرة الجزائرية على البحر الأبيض المتوسط. وإضافة لما سبق فقد اختلقت فرنسا مايلي: – عدم التزام فرنسا بدفع ديونها للخزينة الجزائرية، والتى قدمت لها فى شكل قروض مالية، ومواد غذائية خاصة خلال المجاعة التى اجتاحت فرنسا بعد ثورة 1789م، وقد قدرت بـ20 مليون فرنك ذهبي فى ذلك الوقت. –
اختلاق حادثة المروحة المشهورة؛ أخذت الحملة الفرنسية على الجزائر أربعة أبعاد وهي: اقتصادية وسياسية واجتماعية ودينية، وكان القرار النهائي بشن الحملة قد اتخذ يوم 30 يناير في 1830م، حيث قام الملك الفرنسي – شارل العاشر – بتعيين كل من -الكونت دي بورمون -قائدا عاما للحملة والأمير -ال دوبري – (Duperré) قائدا للأسطول، وفي مايو 1830م، حررت الحكومة الفرنسية وثيقـتين لتبرير حملتها، الوثيقة الأولى موجهة للدول الأوربية، والثانية للشعب الجزائري، تعلن فيها أن حملتها تستهدف تأديب العثمانيين، وتحرير الجزائريين من سيطرتهم.
وفي 25 مايو 1830م انطلقت الحملة الفرنسية تجاه الشواطئ الجزائرية من ميناء طولون (Toulon)، وقد وضعت خطة الحملة وفق ما رسمه المهندس العسكري الخبير -بوتان -(Boutin) الذي جاء إلى الجزائر سنة 1808م، للتجسس عليها بطلب من الإمبراطور نابليون بونابرت؛ فقد كان تعداد الحملة حوالي 37.000 رجل موزعين على 3 فرق، وعلى رأس كل واحدة منها جنرالا، تحملهم 675 سفينة عليها 112 مدفعا، ووصلت الحملة إلى شاطئ سيدي فرج يوم 13 جوان 1830م، وشرعت في عملية الإنزال مباشرة في اليوم الموالي. وأقدم لكم معركة سيدي فرج و عملية إنزال الفرنسيين: فبـدايـة المقاومة الجزائـريـة؛ قام ديوان الداي بقيادة -حسين باشا -، بوضع خطة المواجهة على أساس، أن يكون خط الدفاع الأول في قرية اسطاوالي، لعرقلة عملية تقدم القوات الفرنسية نحو هذه القرية، التي لم تستطع الوصول إليها إلا في 19 يناير، وفي اسطاوالي تمت أول مواجهة حقيقية بين الطرفين، وكانت لعملية فرار -ابراهيم آغا- قائد الجيش الجزائري انعكاسات سلبية وخطيرة على معنويات الجيش، مما دفع بالداي حسين إلى إستدعاء المفتي -محمد بن العنابي-، ليطلب منه جمع الشعب واقناع و ماسك الناس بالجهاد دفاعا عن البلاد، ونصب -باي التيطري- قائدا على الجيش إلا أن كل ذلك كان بدون جدوى، فلقد تمكنت القوات الفرنسية من الوصول إلى مدينة الجزائر، وإرغام الداي حسين على توقيع معاهدة الإستسلام في 5 يونيو، والتي تنص على، تسليم مدينة الجزائر، وتعهد الطرف الفرنسي بالحفاظ على حرية الدين الإسلامي، وعلى أملاك الأهالي وتجارتهم وصناعتهم واحترام نسائهم وحرماتهم.
مقاومة الجزائريين للغزو الفرنسي ؛ الجزائر العاصمة، وأمام حالة عزوف السلطة عن مقاومة الإحتلال، عقدت مجموعة من رؤساء القبائل والأعراش الجزائرية منها، بني خليل، والخشنة، وفليسة مؤتمرا لها في “تامنفوست” يوم 23 جويلية 1830م، وقررت فيه عدم الإستسلام للفرنسين ونتيجة لذلك طهرت مجموعة من المقاومين الذين أبلوا البلاء الحسن مثل ابن زعمون من قبيلة فليسة والحاج سيدي سعدي من مدينة الجزائر ومحيي الدين بن المبارك من القلعة.
ومع ذلك شرعت فرنسا في توجيه فرقها العسكرية، للسيطرة على مناطق أخرى، بل وفي توجيه حملات بحرية إلى عنابة ووهران وبجاية وغيرها، وكانت شدة المقاومة سببا في انسحاب القوات الفرنسية عدة مرات من هذه المناطق؛ كما أن فرنسا تجاهلت تجاهلا تاما ما تم التوقيع عليه في معاهدة 5 جويلية 1830م؛ وهذا مادفع حمدان بن عثمان خوجة إلى القول في مرآته: إني أتساءل لماذا تزعزعت بلادي في جميع أسسها وتصاب في جميع مبادئها الحيوية؛ وإلى جانب ذلك أنظر إلى الأوضاع التي توجد عليها دول أخرى مجاورة لنا، فلا أرى واحدة مجبرة على تحمل ظروف مشابهة للظروف المفروضة علينا، وعندما أدير البصر إلى الجزائر فإني أرى هؤلاء المساكين يخضعون للإستبداد معرضين للإبادة.(مدقق)