اختيار أنسب نظم الري بالأراضي الجديدة بمحافظة الإسكندرية
حيث أن الدولة تعتمد فى صادراتها الزراعية على سياسة تصدير الفائض بعد الاستهلاك وليس على سياسة الإنتاج بغرض التصدير فإن الهدف الرئيسى للسياسة الزراعية يتمثل فى تعظيم الناتج الزراعى من الموارد الزراعية المتاحة. وبالنظر إلى مورد المياه كأحد الموارد الزراعية المحددة للمساحة المنزرعة ومن ثم للكميات المنتجة من الحاصلات الزراعية من جهة ، ومحدودية زيادة الكميات المتاحة من هذا المورد من جهة أخرى فإن العمل على الارتقاء بالكفاءة الاستخدامية لهذا المورد يعتبر من الأهمية بمكان.
فتعتبر المياه في مصر من أهم الموارد الاقتصادية المحددة للعملية الإنتاجية وأحد القيود التي تتحكم في إمكانية التوسع الزراعي الأفقي، وتنحصر الموارد المائية المتاحة حالياً في مصر والتي تبلغ حوالي 65.8 مليار متر مكعب في أربعة مصادر مختلفة هي مياه نهر النيل، والمياه الجوفية، وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، والأمطار. ويعتبر النيل المصدر الرئيسي للموارد المائية في مصر حيث تمثل مياهه نحو 84.3% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر. ونظراً للزيادة السكانية ومن ثم زيادة حجم الأنشطة الاقتصادية الزراعية المستخدمة للمياه في مختلف المجالات فقد أدي ذلك إلى زيادة الطلب على المياه، ومع الثبات النسبي لعرضها أي المتاح منها باستثناء ما يتم اكتشافه من مياه جوفية زادات ندرتها حتى أصبحت أحد أهم المشاكل التي يتعرض لها التوسع الزراعي الأفقي.
وفيما يتعلق بالأراضي الجديدة بمحافظة الإسكندرية وعلى الرغم من أن تعليمات وزارة الزراعة تشترط إتباع نظم الري المتطور في هذه الأراضي فإنه مازال يتم إتباع الأسلوب التقليدي في ري المحاصيل الزراعية والمتمثل في الري بالغمر وعدم الاعتماد على نظم الري الحديثة وذلك بمنطقة العامرية (أحد مناطق التوسع الزراعي الأفقي بمحافظة الإسكندرية) والتي تتصف أراضيها بتربة مرتفعة النفاذية، وتربة غير مستوية وقليلة العمق ومنحدرة يصعب تسويتها. مما يتطلب ضرورة توعية المنتجين الزراعيين بهذه المنطقة بأهمية دراسة الأساليب التكنولوجية الحديثة لنظم الري ومدي إمكانية تطبيقها وذلك من خلال قياس آثارها على كفاءة استخدام الموارد الاقتصادية الزراعية.
لذا استهدفت هذه الدراسة قياس أثر استخدام نظم الري المختلفة على كفاءة الموارد الاقتصادية المستخدمة في إنتاج بعض المحاصيل الزراعية بمنطقتي العامرية والنوبارية، وذلك بالاعتماد على مجموعة من المحاور هي: (1) تحليل مؤشرات الربحية (تكاليف – إيرادات) المرتبطة بإنتاج محاصيل الدراسة، وقياس بعض مؤشرات الكفاءة الاقتصادية في ظل نظم الري المختلفة (2) التقدير القياسي لدوال إنتاج محاصيل الدراسة لقياس كفاءة الموارد الاقتصادية المستخدمة في إنتاجها (3) قياس الأثر الاقتصادي لتطبيق نظم الري الحديثة على محاصيل الدراسة بمنطقة العامرية.
وقد اعتمد الأسلوب التحليلي للدراسة على كل من أسلوب التحليل الاقتصادي الوصفي لتوصيف المتغيرات الاقتصادية المتعلقة بمجال البحث وأسلوب التحليل الاقتصادي الكمي المتمثل في أسلوب الانحدار المتعدد في صوره الرياضية المختلفة، فضلا عن الاستعانة ببعض المؤشرات الاقتصادية وثيقة الصلة بموضوع البحث. أما فيما يتعلق بمصادر البيانات فقد اعتمدت الدراسة على كل من البيانات الثانوية الغير منشورة ، والبيانات الميدانية التي تم جمعها من خلال الاستبيان الشخصي لعينة من المزارعين بلغ قوامها 400 مزارعا كعينة عشوائية تم تقسيمها بالتساوي على منطقتي العامرية بوصفها تمثل أسلوب الري بالغمر، والنوبارية بوصفها تمثل أسلوب الري بالرش والتنقيط . وقد تم اختيار محاصيل القمح والفول البلدي والقطن والبطاطس الصيفي كمحاصيل للدراسة وفقاً للأهمية النسبية للمساحة المنزرعة منها خلال الموسم الزراعي 2003/2004.
وقد أوضحت نتائج الدراسة أنه فيما يتعلق ببعض مؤشرات الكفاءة الاقتصادية التي تم استخدامها ارتفاع قيم كل من القيمة المضافة، والأربحية النسبية، ونسبة المنافع إلى التكاليف، والعائد على الجنيه المستثمر، وإنتاجية وحدة المياه، وصافي العائد من وحدة المياه لمحاصيل الدراسة بمنطقة النوبارية تحت نظام الري المتطور.
كذلك أوضحت النتائج أنه فيما يتعلق بمدى كفاءة الموارد المستخدمة في إنتاج محصول القمح أنه يمكن زيادة إنتاجه بمنطقة العامرية بزيادة الكميات المستخدمة من كل من عدد ساعات الري، وسماد سلفات بوتاسيوم، والمبيدات، بينما يمكن زيادة إنتاجه بمنطقة النوبارية بزيادة الكميات المستخدمة من كل من سماد اليوريا، وسماد السوبر فوسفات، وسماد سلفات البوتاسيوم، والمبيدات.
كما أوضحت النتائج أنه فيما يتعلق بمدى كفاءة الموارد المستخدمة في إنتاج محصول الفول البلدي أنه يمكن زيادة إنتاجه بمنطقة العامرية بزيادة الكميات المستخدمة من كل من عدد ساعات الري، والمبيدات وخفض الكميات المستخدمة من كل من عدد العمالة البشرية، والسماد البلدي. بينما يمكن زيادة إنتاجه بمنطقة النوبارية بزيادة الكميات المستخدمة من كل من عدد ساعات العمل الآلي ، والتقاوي ، وسماد نترات نشادر.
كذلك أوضحت النتائج أنه فيما يتعلق بمدى كفاءة الموارد المستخدمة في إنتاج محصول القطن أنه يمكن زيادة إنتاجه بمنطقة العامرية بزيادة الكميات المستخدمة من كل من عدد ساعات العمل الآلي، والتقاوي، وسماد نترات نشادر، وسماد سلفات بوتاسيوم، والسماد البلدي، بينما يمكن زيادة إنتاجه بمنطقة غرب النوبارية بزيادة الكميات المستخدمة من كل من عدد ساعات الري، والتقاوي، والمبيدات.
كما أوضحت النتائج أنه فيما يتعلق بمدى كفاءة الموارد المستخدمة في إنتاج محصول البطاطس أنه يمكن زيادة إنتاجها بمنطقة العامرية بزيادة الكميات المستخدمة من كل من عدد العمالة البشرية، وعدد ساعات الري، وسماد اليوريا، وخفض عدد ساعات العمل الآلي المستخدمة. بينما يمكن زيادة إنتاجها بمنطقة النوبارية بزيادة كمية التقاوي، كمية سماد سوبر فوسفات، كمية المبيدات وخفض كمية سماد اليوريا.
أما فيما يتعلق بقياس الأثر الاقتصادي لتطبيق نظم الري الحديثة على محاصيل الدراسة بمنطقة العامرية فقد أوضحت نتائج الدراسة أن هذا الإجراء يؤدى إلى الارتقاء بكل من المساحة المستصلحة من الأراضي الزراعية، وإجمالي الإنتاج من محاصيل الدراسة، وصافى العائد للمنتج الزراعي. ففيما يتعلق بالارتقاء بالمساحة المستصلحة فقد أوضحت النتائج أن كمية المياه التي يمكن توفيرها نتيجة تحويل نظام الري بالغمر السائد بالمنطقة لنظام متطور إلى توفير حوالي 100.135 مليون متر مكعب، وهو ما يترتب عليه إمكانية استصلاح أراضى حتى تصل إلى مرحلة الحدية تبلغ مساحتها حوالي 6.675 ألف فدان في حالة إتباع أسلوب الري بالرش، وحوالي 7.362 ألف فدان في حالة إتباع أسلوب الري بالتنقيط كل ثلاث سنوات.
وفيما يتعلق بالارتقاء بإجمالي الإنتاج من محاصيل الدراسة فقد أوضحت النتائج أن إجمالي الزيادة في إنتاج هذه المحاصيل بلغت حوالي 56.588 ألف أردباً من القمح، 8.193 ألف أردباً من الفول البلدي، 1.687 ألف قنطارًا من القطن، 1.441 ألف طناً من البطاطس الصيفي. وهى كميات لا يستهان بها إذا تحققت سنويا يمكن استغلالها في خفض حجم الفجوة القائمة بين الاستهلاك والإنتاج لمحصولي القمح والفول البلدي، وزيادة حجم الصادرات لمحصولي القطن والبطاطس الصيفي.
كذلك فيما يتعلق بالارتقاء بصافي العائد للمنتج الزراعي فقد أوضحت النتائج أنها بلغت حوالي 6.034 ألف جنيهاً من زراعة القمح، 1.698 ألف جنيهاً من زراعة الفول البلدي ، 2.449 ألف جنيهاً من زراعة القطن، 3.003 ألف جنيهاً من زراعة البطاطس الصيفي.