استقلال العقل واستقلال المعتقد2من اصل3
إن المؤثرات العاطفية والدينية التي هي أساس المعتقد – هي كما قلت غير مرة- تختلف عن سلسلة المعقولات التي تستند إليها المعرفة، فلا فحص ولا تحقيق في أمر المعتقد، وأما في أمر المعرفة فالتدقيق هو القاعدة، وعلى حكمه ينزل كل معترض. ومما تتصف به المعتقدات هو كونها تولد أوهاما في النفوس، وترغم هذه النفوس على الخضوع لسلطانها، ثم إن الإنسان قد يتخلص من ربقة الظلمة المستبدين، ولكنه يعجز عن التحرر من سيطرة المعتقدات على الدوام، ويعد الذين هم مستعدون للتضحية بأنفسهم في سبيل المعتقدات بالألوف مع أنه لا يعرض واحد من هؤلاء نفسه للخطر انتصارا لإحدى الحقائق العقلية.ولم يقدر دور العقل الذي دخل البشر فيه حديثا بفضل مبتكرات العلوم على زعزعة قوة المعتقدات، بل ربما لم تظهر معتقدات سياسية أو دينية أو اجتماعية عديدة في زمن مثل ظهورها فيه، ولا سيما في أميركا وروسيا؛ حيث يتكون كل يوم معتقدجديد.