استلاب الذات في الأنا(·)
11من اصل11
وهذا ما يتبين كلما تقدم التحليل إلى ظهور تحويل باتجاه آخر كان إلى حد الآن في حكم المجهول(·). والتحليل يهدف إلى كشف النقاب عنه، بإعطائه التأويل الصحيح الذي يمكنه من تبديد الوهم الذي كان يسيطر عليه في علاقته به في السابق. وهكذا كلما تقدم التحليل كلما استطاعت الذات أن تعبر عن حقيقة وجودها، أي رغبتها الأصلية، فتحل محل الأنا المخيالية، لكي تتبنى هذه الأخيرة ما كان مرفوضًا ومكبوتًا سابقًا. فتصبح الرغبة والعمل على تحقيقها من إنجاز الأنا في إخراج الذات من الجهل إلى معرفة سابقة. كما يقول فرويد: يحل الأنا في المكان الذي كان يحتله الهو سابقًا.
ومن خلال هذه النظرية تتبين استراتيجية تقتضي حسب قول لاكان: بأن كل عمل تحليلي يقتصر فقط على الأنا؛ سواء في دعمها إذا كانت ضعيفة أو بمخاطبتها، هو ليس عملًا تحليليًّا إنما مجرد “حرتقة” لا يتعدى تأثيرها أكثر من عملية إصلاحية لتصحيح موقف الأنا المعوجة. بل على ضوء ما ذكرنا يذهب المحلل اللاكاني أبعد من ذلك أن يتعامل مع ما هو وراء الأنا أي الذات اللاواعية (اللاشعورية)، وأن ما يتلقاه من تأويل لا ينتظره من أنا المحلل، بل من المرسل إليه، أي آخر يكمن خلف الأنا، بكل ما يمثله من تركيبة لاواعية (لاشعورية).
واستراتيجية التحليل تقتضي تحديد موقعه من التحويل المتوجه إليه، وكل تحليل لا يأخذ هذا الموقع في الاعتبار، تكون نتائجه جاذبية ولا تطال المريض في بنيته اللاواعية (اللاشعورية).
(·) يتميز لاكان ما بين الأنا والذات اللاواعية. على اعتبار أن الأولى تتكون من التمهيات المخيالية والثانية تكمن في اللاوعي لتعبر عن واقع الرغبة المكبوتة. لذلك يمكن للأولى أن تضلل الثانية بقعل هذه التماهيات سيما إذا كانت نرجسية.
(·) خلافًا لما كان يعتقد سابقًا، يستعرض المتحلل عبر التحويل على المحلل كل النماذج الأسطورية التي لعبت دورًا في تكوين تاريخه. وهو ما كان يسميه لاكان في الارخنة (historisation) الثانوية.