استلاب الذات في الأنا 9من اصل9
ولكن هذه الصورة لا تتكون إلا عبر الآخر الشبيه- لأن الطفل في البداية لا يميز بينها وبين صورة طفل آخر شبيه، واعتماده لها كصورة نهائية له لا يأتي إلا في مرحلة لاحقة. ووجود هذا الآخر لا بد منه لكي يرتقي إلى التماهي في صورته.
ويصبح العكس صحيحًا. فاعتماده لصورته يمكنه كذلك من الاعتراف بالآخر شبيهه، ويتعامل معه على أنه جزء من الصورة الأولية التي أسرته، وهو ما نمثله بــ (أ) (·). وتبين لنا أن علاقة الذات بالأنا ليست مباشرة، بل يتوسطها الآخر الشبيه الذي تتركز عليه كل تماهيات الأنا المخيالية في علاقتها مع الآخرين. وهكذا يصبح المحور أ – أ هو المحور المتخيل، الذي يرهن الأنا في علاقتها بالآخرين. فالأنا في علاقتها بالذات لا بد أن تمر بـــ أ” الآخر القرين، والذات لا بد لها في علاقتها بالأنا إلا أن تمر بنفس المحطة. وهكذا تتكون علاقة خطابية للتماهي: ما بين الآخر وذاته. وما بين ذاته والآخر. ويستعين لاكان هنا بالظاهراتية عند هيغل (الشيء من ذاته، والشيء لذاته).
أما الآخر الكبير: فهو يمثل المكان الرمزي: حيث يتلقى الطلبات، كونه المكان الأوحد الذي تحل به رموز الكلام، ويدرك المتكلم خلفية ما يريد. وصلة هذا الآخر الكبير بالذات هي صلة عبر حائط الكلام المتمثل في (آخر كبير- ذات)؛ ولكن هذه العلاقة تصطدم بالمحور المخيالي الذي يربط الأنا بشبيهها المخاطب.
فكل مخاطبة من الذات لا بد أن تمر عبر المحور المتخيل أ – أ. ولكن ما هو هدف المخاطبة؟ ليس بالضرورة الآخر الصغير، لأن ذاتًا أخرى حقيقي تكمن وراءه، لأن الكلام إذا كان معبرًا وصادقًا، لا بد أن يأخذ تفسيره الصحيح،
(·) يتميز لاكان ما بين الأنا والذات اللاواعية. على اعتبار أن الأولى تتكون من التمهيات المخيالية والثانية تكمن في اللاوعي لتعبر عن واقع الرغبة المكبوتة. لذلك يمكن للأولى أن تضلل الثانية بقعل هذه التماهيات سيما إذا كانت نرجسية.
(·) استلهم لاكان هذه الفكرة من الشاعر ريمبو عندما قال: الأنا هو آخر: “le moi est un autre”