استلاب الذات في الأنا1من اصل2
لا بد للذات أن تتمخض في ترجمة موضوعية، تشير، ولو بالتلميح إلى أمنيتها ورغبتها. وترابط الأنا بالذات هو تشابك لا يمكن فصله. وهذا ما يؤكده فرويد في قوله: إن جزءًا من الأنا يبقى لاواعيًّا (لاشعوريًّا)، وإن الأنا الأعلى يحمل بأحكامه القاسية واللوامة على الأنا، انطلاقًا من معرفة مسبقة باحتواء هذه الأخيرة لرغبات محرمة. وهذا ما يدعو إلى اعتماد فرويد، ولاكان فيما بعد، مبدأ الانشطار (Spaltung)- أي أن الأنا منشطرة على نفسها في قسمين: وعي (شعوري) ولاوعي (لاشعوري)، منذ أن بدأ الإنسان يتكلم ويحاول التعبير عن حاجاته في الألفاظ الكلامية. وأول ما يلاحظه الطفل، أن للكلمة مفعولًا سحريًّا بحكم تأثيرها على الآخر. سواء كان هذا التأثير سلبًا أو إيجابًا. في هذا الانشطار يكمن ضلال الأنا في موضوع رغبة الذات، فهي تتوه في أوهام تخدم مصلحتها على حساب الكبت لرغبات الذات، ويلعب الخيال دورًا في متاهة الأنا، حيث يفتح أمامها حقلًا تضل به عن ذاتها، وتتوهم إمكانية تعدي حدودها، تغذيها نرجسية نابعة من واقع نفسي يرفض الالتزام بالواقع الخارجي، ويبدو ذلك واضحًا في التناقض الحاصل ما بين مقولة التعبير ومقولة المعبر. وهذا يعود إلى أن الشخص منذ أن يبدأ الكلام يقول أكثر مما يعرف، والفارق ما بين المعبر والتعبير يعود إلى الانقسام الذاتي، كون الرغبات اللاواعية (اللاشعورية) لا تهدأ في محاولة الوصول إلى إمكانية التعبير على رغم مقاومة الأنا لها، مما يجعل الإنسان في حيرة من أمره، يتساءل عما يريد دون الإمكانية في تحديد موضوع رغبته سوى الاستمرار في ضلال يخدع نفسه عبر تماهيات أنا المتكلم “Je”، في “استناد مواقع” خيالية توهمه، دون أن تحقق فعلًا رغبته الذاتية. وهكذا يدخل عبر مقولته في جهل تام عن موضوع رغبته.