استيعاب السرد في الأفلام 2 من أصل 3
يميل الناس إلى استخدام مخطَّطات معرفية من أجْل إرساء الهُوية الثابتة للأشياء التي سبق أنِ الْتَقَوْها. وهم يتمتعون ببراعة خاصة في التمييز بين مختلف الأفراد الذين يتعاملون معهم في الحياة اليومية (الأصدقاء، العائلة، زملاء العمل، النادلون)، فضلًا عن قدرتهم على التمييز بين الأشياء التي لها أهمية بالنسبة إليهم (السيارات، حافظات النقود، الملابس) وثمة فروق فردية بين كمية التمييزات المختلفة التي يستطيع الناس
القيام بها ) بعض الناس يتمتعون بقدْرة أكبر على تذكُّر الوجوه أو الأسماء)، بَيْد أن القدرة على التعرف على الأشياء المألوفة لها أهمية حاسمة في ممارسات الحياة اليومية، وفي فهم ما يحدث في الأفلام أيضًا. وثمة أنواع عديدة من المخطَّطات تُستخدم بوجه خاص في عملية استيعاب الفيلم تتجلَّى تلك المخطَّطات بصورة نموذجية باستخدام فيلم “تيتانيك” 15.
في هذا الفيلم، يمكننا أن نميِّز بين البطلَيْن: جاك ) ليوناردو دي كابريو) وروز ) كيت وينسليت) من ناحية، وبين الشرير كال ) بيلي زين) من ناحية أخرى. وبينما يبدو هذا بسيطًا بما يكفي، فإن الفيلم يقدِّم لنا عددًا من الشخصيات من زوايا كاميرا متعدِّدة، بتسريحات شعر وملابس متنوِّعة ومع ذلك يظل باستطاعة المشاهدين متابعتهم جميعًا؛ ذلك لأن مخطَّط كل شخصية يظل ثابتًا لا يتغير، لكن مع السماح بوجود تنويعات طفيفة.
كذلك يعتمد الناس أيضًا على المخطَّطات من أجْل فهْم العالَم فهمًا سببيٍّا. فنحن نفترض أن الأحداث يتلو بعضها بعضًا، وأن حدثًا ما يمكنه أن يتسبَّب في وقوع حدث آخر.