استيعاب السرد في الأفلام 3 من أصل 3
وعندما نقوم بالربط بين الأحداث التي تقع في حياتنا ) بعضها نكون قد شهدناه بأنفسنا والبعض الآخر سمعنا به)، فإننا نحاول باستمرار تكييفها مع مخطَّطاتنا لجعلها مفهومة. ورغم أن معظم أفلام هوليوود تبني حبكاتِها وفقًا للتسلسُل الزمني المعتاد، فإن ثمة استثناءات لهذا ) ويشمل ذلك أفلامًا أكثر قربًا لمعايير السينما السائدة من “خيال رخيص”) فحبكة “تيتانيك”، على سبيل المثال، تتنقَّل بين عملية استكشاف هيكل عابرة المحيطات الغارقة في الزمن المعاصر وبين إبحارها الفعلي وغرقها عام 1912 م.
ولتسهيل استيعاب تلك الوثبات، يستخدم الفيلم إشارات ارتباطية معينة. فعندما تظهر تيتانيك للمرة الأولى وهي تُبحِر، تستخدم الصورة درجات لونية بُنِّية باهتة تستدعي إلى الذهن شكل الصور الفوتوغرافية في مطلع القرن العشرين؛ مما يُتِيح لنا الفصل بين الماضي والحاضر فيما نظل واعِين بالعلاقة القائمة بين الحقبتين الزمنيتين.
وثمة مخطَّطات أخرى تُستخدم في استمرارية الوعي بالعلاقة الفيزيقية بين الأماكن المختلفة. فلكي نتمكَّن من تحديد أماكن الأشياء في إحدى الغرف (قلم رصاص، جهاز التحكم عن بُعْد في التليفزيون، مقعد) لا بد أن يكون نظام الغرفة مألوفًا لدينا، ولا بد أن يكون لدينا مخطَّط للمسار من حجرة المعيشة إلى المطبخ لكي نستطيع التنقل بينهما عندما نشعر بالجوع. أضِف إلى ذلك أن هناك أماكن تقع خارج نطاق وعينا نعرف أن بإمكاننا بلوغها باستخدام مخطَّطات أخرى ) القدرة على قراءة خريطة، على سبيل المثال).