الأحلام والحرمان

فقرة 4
فقرة 4

4 من أصل 4

وعلة ذلك واضحة: لأننا في الحلم نشتهي ما حرمناه ونفرج عما كنا نكظمه، وهذا الاشتهاء يبقى ويحيا في يقظتنا حتى حين ننكر ذلك بضغط الأخلاق الاجتماعية؛ ولذلك كثيرًا ما تتحقق الأحلام لأننا نرغب في تحقيقها من حيث لا ندري، كأحدنا يحلم أنه ينتحر، ثم ينتحر، أو هو يحلم بأنه قد نال درجة ارتقى إليها ثم ينالها؛ لأنه في يقظته قد دأب في بلوغها بشتى الوسائل.

وأفكارنا الكامنة التي لا ندري بها تظهر في أحلامنا، وهي توجهنا في يقظتنا؛ أي: تعود فتحقق أحلامنا.

ومن هنا اعتقد بعض الناس بأن الأحلام تتحقق في المستقبل. وحين تكون المشكلة التي تشغلنا في النهار بعيدة عن الشهوات والعواطف فإننا أحيانًا نحلها في النوم بأحسن مما نحلها في اليقظة، كأن تكون – مثلًا – مسألة في الحساب أو الهندسة، فإننا وقت اليقظة قد نتقيد بمشاغل تمنعنا من الحل، أما في النوم

فإننا ننطلق في حرية تامة إلى الحل.

وإلى حد ما نستطيع أن نسمي الحلم جنونًا وقتيٍّا، ومعنى هذا أن المجنون يكون في حلم دائم لا يتقيد بالواقع، وهو يستسلم لتخيلاته؛ أي: أحلامه، كأنه لا يرانا ولا يسمعنا ولا يبالي من حوله من الناس والأشياء، ونحن في الحلم نكون كذلك ولكن لوقت معين.

عرفت شابٍّا كان قد تزعزع وأوشك على الجنون، فكان أول ما شكا منه لي أنه يريد أن يصرخ، ولكنه لا يستطيع ذلك للاعتبارات الاجتماعية والأخلاقية.

هذا الشاب قد امتلأت نفسه بالمخاوف فهو يريد أن يصرخ.

وهو عندما ينام سيطرأ عليه الكابوس فيصرخ ويرتاح بعض الشيء؛ لأن الكظم سيفرج بعض الوقت، إذ هو يشتهي الصراخ ولكنه يكتمه مع أنه لا يطيق الكتم.

 

 

m2pack.biz