الأرضية المشتركية لنظريات ماركس وفرويد 2من اصل3
على أن كليهما خالجه الشك المرير نفسه في كل العبارات المبتذلة والأفكار والتسويغات والاديولوجيات التي تمتلي بها رؤوس البشر وتكون الأساس لما يخذع الناس فيظنونه واقعاً.
وهذا الشك في ما “يفكر” به المرء مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإيمان بقوة الحقيقة المحررة. ولقد أراد ماركس أن يحرر البشر من قيود التبعية والاغتراب ومن استعبادهم من طريق الاقتصاد. على أن طريقته لم تكن العنف، كما ظن كثيرون. لقد حاول أن يكسب تأييد الأكثرية لأفكاره. وعلى حين حق للمرء أن يستخدم، بحسب رأيه، العنف إذا ما قاومت الأقلية بعنف إرادة الأكثرية فإن مشكلته الأساسية لم تكن كيف استطاع المرء أن ينتزع السلطة في الدولة، بل كيف استطاع المرء أن يكسب تأييد الناس لأفكاره. ولقد استعمل ماركس وأخلافه الشرعيون في “دعايتهم” طريقة كانت مناقضة لطريقة السياسيين مناقضة الضد للضد، سواء أكانت المسألة مسألة سياسيين بورجوازيين أو فاشين أو شيوعيين. ولم يرد في البشر بفنون الإقناع الديمغاغوية الدهماوية بأن يخلق عن طريق الخوف والإرهاب أوضاعاً تتعلق بتنويم شبه مغناطيسي، بل توجه إلى الواقعية والحقيقة وخاطبهما. إن المفهوم الذي يقوم على “سلاح الحقيقة” عنده هو نفس المفهوم عند فرويد وهو أ، الإنسان يعيش في أوهام لأن هذه الأوهام تهون ألم الحياة الواقعية وحين يستطيع الإنسان أن يرى هذه الأوهام كما هي عليه في الواقع وحين يستطيع أن يصحو من حالة شبه حالمة يستطيع في مثل هذه الأحوال أن يعي نفسه ويستطيع أن يستشعر قوته وطاقته ويبدل الواقع بحيث يستغني عن الأوهام. إن “الوعي الزائف”. وهذا يعني صورة مشوهة للواقع، ليضعف الإنسان. أما الاحتكاك أو الاتصال بالواقع وتكوين صورة صحيحة عنه فيقويه.
وعلى هذا اعتقد ماركس أن أهم الأسلحة هو الحقيقة وكشف الحقيقة وراء الأوهام والاديولوجيات التي تحجبها وتسترها. وفي هذا يقوم الشيء المميز للدعاية الماركسية: وهذه هي نداء عاطفي للوصول إلى أهداف سياسية معينة. إنه نداء يسير بتحليل علمي لظواهر اجتماعية تاريخية.