الأسباب السيكلوجية للجريمة

 

فقرة 3
فقرة 3

3 من أصل 3

هذا هو السؤال الذي يحتاج إلى الإجابة عليه جميع المشتغلين بالإصلاح الاجتماعي؛ إذ لو كانت الوراثة هي كل شيء فليست هناك أية منفعة من الإصلاحات الاجتماعية، أما إذا كان الوسط قادرًا على تغيير الوراثة؛ أي: قادرًا على أن يجعل الحي يتطور ويرقى، فإن الدعوة إلى إصلاح المجرم أو تعليم الفضائل لأفراد الشعب تجد ما يبررها.

والإجابة التي يجمع عليها جميع الباحثين في عصرنا تختلف كل الاختلاف مما كان يذهب إليه لومبروزو، وهي أن الإجرام اجتماعي وليس وراثيٍّا.

وصحيح أن بين بعض المجرمين تشوهات موروثة في الوجه أو الجسم، ولكن قيمة هذه التشوهات اجتماعية، بمعنى أنها تجلب لحاملها الاحتقار أو الكراهة فيحدث هذا رجعًا ) رد فعل) سيئًا في نفسه يثير الغيظ الذي قد يؤدي إلى الجريمة، ولو أنه لم يكن قد وجد هذا الاحتقار أو هذه الكراهة لما أجرم.

وقد أنارتنا السيكلوجية الحديثة بشأن الإجرام عن السلوك البشري، من حيث اتجاهها إلى درس السنين الأربع أو الخمس الأولى من العمر أيام الطفولة، حين ينطبع الطفل بكل ما يرى أو يسمع أو يتعود؛ ففي هذه السنين ينشأ المجرم لأنه تعود استجابات ورجوعًا معينة من أبويه أو أعضاء عائلته؛ كالعناد لأنه كان مدللًا، أو كالمكر لأنه كان يعيش مع زوجة أبيه، فكان يحتاج إلى الخبث والاحتيال.

فالمجرم في هذا النظر هو شخص قد بلغ العشرين أو الأربعين من العمر الزمني، ولكنه قد وقف عند الاستجابات السيكلوجية لطفل في سن الخامسة، يغضب ويعاند ويبطش ويحطم ويسرق ويحتال ويكره تأدية الواجبات.

 

m2pack.biz