الأسلوبية وظاهرة الانزياح
لا بدّ لمن يبحث في تعريف الأسلوبية في الأدب أن يقع على مصطلح مهم ومرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأسلوبية وعلم الأسلوب وهو الانزياح، فقد اشتهر مفهومُ الانزياح وانتشر في الدراسات النقدية والأسلوبية، والسببُ في الاهتمام بهذا المفهوم يرجع بالأساس إلى البحث عن خصائص مميزة للغة الأدبية عمومًا، والشعرية خصوصًا. وقد تبنَّى هذا المفهومَ عددٌ مِن الباحثين والنقاد، ومنهم جون كوهن والذي يرى أن الشرط الأساسي والضروري لحدوثِ الشِّعرية هو حصول الانزياح، باعتباره خرقًا للنظام اللُّغويِّ المعتاد.[٣]
وبناءً على ما سبق فإنّ الانزياح ظاهرة من ظواهر الأسلوبية، والتي تقوم على الخروج عن المألوف والمعتاد، وتجاوز السائد والمتعارف عليه والعادي، وهو في الوقت نفسه إضافةٌ جمالية يمارِسها المُبدِع لنقل تجرِبته الشعورية للمتلقي والتأثير فيه -وسبق أن ذُكر في تعريف الأسلوبية في الأدب مدى اهتمامها بالتأثير في المتلقي- ومِن ذلك لا يُعَد أيُّ خروج عن المألوف، وتجاوُز للسائد، وخرق للنظام انزياحًا ما لم يحقّق قيمةً جمالية وتعبيرية، ومع أن الانزياح مصطلح حديث ارتبط بالأسلوبية وبالشعرية الحديثة، إلا أن هذا المصطلح له جذور تعود إلى البلاغة اليونانية؛ إذ إنّ أرسطو كان يميز بين اللغة المعروفة الشائعة وبين اللغة الغريبة غير المألوفة ويرى أن الثانية -أي غير المألوفة- هي اللغة الأدبية.[٣]
ولا تخلو البلاغة العربية القديمة من صورٍ للانزياح اهتمّ بها البلاغيون، ومع أنهم لم يكونوا على معرفة بهذا المصطلح ولم يتواضعوا على تسميته بالانزياح، إلا أنهم درسوا الاستعارة، والتقديم والتأخير والخروج عن المألوف وما إلى ذلك من المباحث البلاغية. ولا يمكن إغفال دور نقاد العصر الحديث واهتمامهم بظاهرة الانزياح وعلى رأسهم عبد السلام المسدي في كتابه “الأسلوب والأسلوبية” وصلاح فضل وتمّام حسان ومحمد العمري وغيرهم.[٣]المراجع[+]
↑ “الاسلوب : معناه وعناصره –الشكل والمضمون –الافكار – العواطف والاخيلة – الايقاع – الاسلوبية .”، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 06-07-2019. بتصرّف.
↑ موسى سامح ربابعة (2003)، الأسلوبية مفاهيمها وتجلياتها (الطبعة الأولى)، الأردن-إربد: دار الكندي، صفحة 9-12. بتصرّف.
^ أ ب ت “ظاهرة الانزياح”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 06-07-2019. بتصرّف.