الأفلام وآلية عمل المخ البشري 1 من أصل 2
رغم أن الأبحاث التي تتناول المخ البشري شهدت تقدمًا سريعًا خلال العقود الماضية، فإن مستوى الفهم الحالي لا يزال محدودًا، وتطبيقاتها على الخبرات المعقَّدة في العالم الواقعي تميل إلى الفجاجة. فتطبيقات علوم دراسة المخ على عملية مشاهدة الفيلم لا تزال في بدايتها، بيد أن اكتشافاتها المبكرة مثيرة للاهتمام. وثمة دراسة حديثة لعملية استيعاب السرد تناولت تكنولوجيا تصوير المخ بالرنين المغناطيسي الوظيفي، وهي أكثر الوسائل تطورًا – المعروفة حاليٍّا – لتصوير النشاط العصبي (“تصوير” المخ) بلا تدخل جراحي؛ فهي تتيح للباحثين الحصول على صورة دقيقة نسبيٍّا لنشاط المخ خلال فترة زمنية.
وقد ركَّزت تلك الدراسة على النشاط اللحائي. هذا اللحاء هو الجزء الخارجي الغائر الكبير من المخ، المسئول عن الوظائف العليا ) الوظائف الحركية، معالَجة الإبصار، المعالجة اللغوية، التفكير المجرَّد، إلخ). وقد قام الباحثون بعرض مَشاهِد قصيرة ) صامتة) على المشاركين؛ مثل ذلك المشهد من فيلم “الفتاة” (ذا جيرل)؛ حيث يقوم طفلان بمهاجمة عُش دبابير، أو مقتطفات ممنتجة، تتألَّف من لقطات تم تجميعها معًا من أفلام مختلفة باستخدام المونتاج. في حالة المَشاهد السردية، ثمة شبكة متوقَّعة من أجزاء المخ يتم
تفعيلها، أما في حالة المَشاهد المؤلَّفة من لقطات مجمَّعة، فلم يتم رصد أي شبكة (أيْ عملية استيعاب مشاهد » إن نشاط المخ كان أكثر عشوائيَّةً) وقد استخلص الباحثون أن بصرية ممنتجة … تعتمد فيما يبدو على الأنشطة المنظمة لمناطق متعددة من المخ ترتبط وظيفيٍّا بعضها ببعض عبر شبكة معرفية عالية المستوى” 41 ورغم أن تلك العبارات لا تزال بعيدة جدٍّا عن تفسير خبرة مشاهدة فيلم ” إشراقة أبدية لعقل نظيف” بكليتها، فإنها تقترح بقوة وجود صلة تربط بين الذهن والمخ والفيلم.