الإرادة والعزيمة عند الطفل
في اللحظة التي تقرر فيها أن التربية السليمة تستدعي ترك أولادك للاعتماد على أنفسهم، ستدرك أن هاتين الصفتين ستكونان من أهم الصفات التي سيحتاجها طفلك إليها في مستقبله. التربية السليمة تكمن في أن تعلمه كيف يضع هدفا، و أن يملك العزيمة والإرادة الكافيين لإنجازه. أن لا يستسلم عند أول سقطة له، وأن لا يتوقف عندما تغلق الأبواب في وجهه.
عندما يبدأ طفلك في الاعتماد على نفسه، احرص على أن تكون بجانبه في البداية. التقطه عندما تسوء الأمور منه، أره أين أخطأ، وأخبره كيف يبحث عن طريقة لإصلاح أخطائه. شجعه على الاستمرار عندما يبدأ شعوره بالملل. وذكره دائما بقدراته عندما تشتد صعوبة الاعتماد على نفسه. لا تترك ثقته بنفسه تتزعزع لوهلة، واحرص على بقاء حماسته حتى انتهاءه من عمله. في المرة الثانية اترك مساحة من أجله هذه المرة. لا تتدخل إلا عندما يتطلب الأمر ذلك، وواصل تشجيعك الدائم له. في النهاية ستجد أن طفلك الصغير بدأ يعتمد على نفسه تماما، وأصبح لديه القدرة على الاستمرار في المواقف رغم صعوبتها بفضل عزيمته وإرادته الذين حرصت على تحليه بهما. وستصبح قدرته على مواجهة الحياة أقوى كل فترة بسببك أنت. وسيشكرك طفلك على هذا لاحقا عندما يدرك أهمية ما فعلته، وعندما يرى كيف تهزم الحياة غيره من الأشخاص.
ولكن، وللمرة التي لا أذكر كم هي، لا تستعمل العنف أبدا مع طفلك. سواء كان عنفا جسديا أم عنفا عاطفيا. أن تتركه يعتمد على نفسه، لا يعني أن تضغط عليه بشدة حتى ينفجر. بل أن تعلمه مواجهة الحياة مع الاطمئنان بأن والده سيكون دائما سندا وعونا له. أن تعلمه الصلابة، لا يعني أبدا أن تقسو عليه. القوة والعطف لا يتعارضان أبدا. تعلم كيف توازن بين احتياجات طفلك الحياتية، وبين احتياجاته العاطفية. واحذر أن تترك أحدهما تطغى على الأخرى. فالنتيجة في كلا الحالتين ستكون كارثية. والإفراط في أي شيئ يجعل ضرره أكبر من نفعه دائما.