الإستمرارية والتغيير
إن النظريتين الرئيسيتين اللتين تصفان التغيير النمط الاقتصادي الذي وضعه عالم الاقتصاد ونموذج توازن
القوى الذي وضعه عالم ا لسياسة لم تفلحا برأي درَكَر في مواجهة اختبار الحقيقة الديناميكية، حيث رأى في
تحليله أنهما نظامين مغلقين مؤيدين للتوازن الساكن وللأمر الواقع. وبما أن التغ يير الكبير شوهد من نقطة
الفرصة المواتية للمصائب الطبيعية فإن التخصصات بالعلوم الاقتصادية وال سياسية كانت تقوم ع لى الصيغ
الميكانيكية الديكارتية التي تفسح شيئاً من المجال أمام الاختيار البشري والتفاعل الديناميكي المتبادل بين
المؤسسات، وكذلك على التعقيدات الخارجية.
فسَّر درَكَر الاستمرارية والتغيير من منظور عضوي تاريخي، وقسَّم العملية إلى ث لاثة مراحل متداخلة؛
«ماذا» وَ «لماذا» وَ «ثم ماذا». في بحثه عن الأن م اط في كل مرحلة، حاول أن يفه م صيغة ماذا من تحليله
للوقائع ال حقيقية. ورَبط بين حقا ئق الماضي وا لحاضر من أجل أن يفهم لماذا مع النظر إلى تعريف
اللاإستمرارية أو الوقائع ال متفردة التي قطعت أنماط الاستمرار الخطية، وفسَّر الماضي القريب من خلال
دراسته ل: ماذا ول: لماذا حتى يفهم ثم ماذا مبْرِزاً الآمال وا لمخاوف والتهديدات وال فرص والمشاكل الاجتماعية
والورطات التي تؤثر على المجتمع .
أكد درَكَر على أن المؤسسة التي حُرِمت من الشعور بالإستمرارية تصبح متواجدة في منطقة
شَفقيّة سيريالية، تماماً كالفرد الذي ضلَّ بعد حرمانه من ذاكرته. وبالاختصار فإن إدراك
الاتصالات المتبادلة بين حلقات الو صل الرئيسية في التوقعات الإنسانية وبين كوابح
الإستجابات الإنسانية أمر ضروري. يؤكد مفهوم درّكَر للإستمرارية والتغيير أن للماضي
متطلباته وللحاضر أهميته وللمستقبل فرصه ا لكامنة، وقد كان مقتنعاً بأن تناوله للموضوع بعقل
متفتح يتميز عن النظريات الحالية لأنه يركز عل ى عدم الموازنة الحركية أكثر منه على
التفسير الراكد للمجتم ع المغلق.