الاسمنت العطش
الخرسانة الإسمنتية “العطشى” والتي يمكنها أن تمتص 4000 ليتر من الماء خلال 60 ثانية.
خلال الأسابيع القليلة الأولى من شهر آب عام 2007، دُمِّر متوسط غرب أمريكا بسبب الفيضانات المتكررة والشديدة الناتجة عن إعصار Dean وعن العاصفة الاستوائية الإيرلندية مخلِّفةً كميات هائلة من الأمطار فوق عدة ولايات أمريكية، وأدت وقتها لخسارة في الممتلكات بقيمة 549 مليون دولار أمريكي أو ما يعادلها وأكثر من ثلثي هذه الخسارة كان بسبب المياه الجارية على الأرصفة أو المتدفقة بشدة من أنظمة تصريف المياه، إذاً فما الحل ؟
نحن بحاجة لمنع كل هذه المياه من التجمع على أسطح الطرقات وممرات المشاة لذا اخترعت شركة Tarmac في بريطانيا الخرسانة النفوذة وتدعى Topmix Permeable وهي نموذج جديد من الخرسانة الإسمنتية المسامية والتي تستطيع أن تمتص حوالي 4000 ليتر من الماء في أول 60 ثانية ثم بمعدل وسطي تمتص 600 لتر في كل دقيقة في كل متر مربع.
تعمل الخرسانة بسبب امتلاكها طبقة نفوذة على سطحها مكونة من حصيات كبيرة نسبياً والتي يستطيع الماء عبرها أن يتسرب فوراً بمعظمه، ثم تُتبع بطبقة رقيقة تغذي المياه من خلال نظام تصريف يتصل مع خزانات المياه الجوفية للمدينة، لذا لا تقلق فالمياه التي تستطيع رؤيتها تنسكب في الفيديو لا يتم هدرها أي يتم تغذيتها بشكل راجع في هذا النظام من أجل استخدامها في السقاية وشرب المياه وأحواض السباحة وبغرض استعمالها أيضاً في إطفاء الحرائق.
إنّ هذه الخرسانة النفوذة متواجدة منذ حوالي خمسين عاماً مضت حيث إنها مستخدمة غالباً تحت الأرصفة لتساعد في عمليات تصريف المياه لذا تصوَّر الباحثون في شركة Tarmac كيف يمكن صنع طبقة سطحية منسوخة عنها وتكون قادرة على تحمل ثقل الازدحام المروري.
يمكن استخدام هذه الخرسانة فائقة الامتصاص مُقترنةً بخرسانة أخرى موجودة تستطيع المدن وضعها ما يجعل الجريان من الخرسانة النظامية مُغذّى من خلال خرسانة Topmix Permeable، كما يمكنها أيضاً أن تكون أبرد بشكل ملحوظ من الخرسانة النظامية خلال الأشهر الحارة من السنة .
قالت شركة Tarmac في تصريح صحفي: “خلال فترات ارتفاع درجات الحرارة والسقوط المطري الشديد يتبخر الماء المُخزن ضمن النظام مولّداً تأثيراً مبرِّداً يقلل من درجات حرارة السطح.”
ما هي السلبية الوحيدة لهذا الاختراع؟ إذا حدث وتجمدت المياه فإن كامل النظام سيخترب لذلك يمكن استخدام هذه الخرسانة الإسمنتية فقط في الأماكن التي لا يُحتمل أن تنخفض فيها درجات الحرارة.