البحث عن الأصالة والمعاصرة في تراث العمارة العربية3من اصل3

وباحتكاكاته ودراساته المباشرة للعمارة والبيئة والذين يتهمونه بالجمود لأن فكره الذي نفذه في أمريكا وباكستان والسعودية والكويت وبلاد كثيرة لم يظهر بوضوح، إذ أن التجارب التي طبق فيها كلها تجارب متماثلة، فالذي طبقه في القرنة هو الذي طبقه في باريس واضحت كل البيوت لها واجهة واحدة لا تختلف عن بعضها.

إلا أن عقل الأجانب اكتسب هذا الفكر وأدخلوه في مناهجهم التعليمية، وفي الكثير من كتبهم التي تعالج مشاكل المناخ والمشاكل السكانية، واستدعوه ليزودهم بفكره، لأنهم بالتأكيد وجدوا فكره فكراً جيداً وأن ما ينادي به متطور ووضعوا في اعتبارهم ضمن ما وضعوا مقارنته بين المدخل التقليدي لتوفير مسكن للفقراء في أسرع وقت ممكن والمدخل الإنساني الذي يدعو إليه حيث يشارك صاحب الأرض مع البنائين والحرفيين في بناء المسكن.

والتفتوا إلى ما ينادي به من الجانب الاجتماعي في عملية البناء إذ يرى أن الأسلوب السريع في إنتاج صفوف عديدة من إسكان الفقراء يؤدي إلى القلق وعدم الراحة مع فقدان الخيال ومن هنا دعوته وتصميماته لتجمعات المساكن التي تضم مجموعة عائلية واحدة، أو ما يسمى بالبدنة حول فناء خارجي سماه حوش الباشا، وتتكون البدنة من عشرة إلى عشرين مسكناً متلاصقاً تختلف حجماً، ومركزاً تبعاً للهيكل الاجتماعي لأفراد البدنة.

ويقول إنه صمم المساكن في كل بدنة حول فناء خارجي يعتبر امتداداً للفضاء الواسع ليكون ملتقى لأفراد البدنة في أفراحهم وأتراحهم على طول الطرق العامة، وهو بذلك أعطى الفناء الخارجي قدراً من التحليل الوظيفي الاجتماعي، والمناخي والإنساني، في أسلوب شيق وجذاب يتعرض فيه لعادات القرية المصرية والعلاقات الاجتماعية بين أفرادها.

وقد لاحظوا أن حسن فتحي حاول أن يعكس انطباعاته التشكيلية أو البصرية عن المدينة القديمة على القرية الجديدة، كما حاول في الوقت نفسه أن يعكس التصميمات المعمارية لمساكن الفسطاط مثلاً على مساكن القرية الجديدة، مع اختلاف مساحتها وأحجامها، وتكويناتها التي تعطي القرية طابعها البصري المتميز والجميل.