البلاستيك الحيوي في طريقه ليكون أكثر صداقةً مع البيئة
ترجمة: ميشيل رحال، الكيمياء العربي
“بولي حمض اللبن Poly Lactic Acid – PLA، هو بلاستيك قابل للتفكك الحيوي، عند وضعه في البيئة، وأصبح اليوم يستخدم تجارياً في التغليف. حتى يصبح لهذا البلاستيك تأثيراً كبيراً، قام باحثون بتشكيل عملية اصطناع صديقة للبيئة، للحصول على هذا البلاستيك انطلاقاً من الغليسيرول (متعدد غولي) يمكن الحصول على كميات كبيرة منه، ويصدر كمنتج ثانوي لاصطناع الديزل الحيوي”
تعتبر النفايات البلاستيكية اليوم، واحدة من المشاكل التي تهدد البيئة. معظم أنواع البلاستيك لا تتفكك حيوياً عند طرحها في البيئة بعيد استهلاكها، لكنها تتكسر إلى لأجزاء أصغر مع صفتها البوليميرية حاضرة.
أيضاً، النفط هو المادة الخام التي ينطلق منها لتشكيل البلاستيك، وهو مصدر غير متجدد. لكن هناك بدائل واعدة، أحدها بولي حمض اللبن PLA، وهو بلاستيك يتفكك حيوياً في البيئة، يتم تشكيله من مصادر متجددة. مجالات استخدام PLA الحالية هي الأكواب التي تستخدم لمرة واحدة، الأكياس، ومختلف أشكال التغليف. إن الاعتماد على PLA بازدياد مستمر، ويتوقع أن يبلغ إنتاجه واحد ميغا طن سنة 2020.
تقوم المجموعات البحثية في جامعة ETH، زيوريخ-سويسرا، بتوجيه من الأساتذة كونراد هانغلبولر Konrad Hungerbühler، خافيير بيريز راميريز Javier Pérez-Ramírez، من معهد الكيمياء والهندسة الحيوية، بتشكيل طريقة جديدة للحصول على حمض اللبن. العملية ذات إنتاجية كبيرة، غير مكلفة، وصديقة للبيئة، مقارنة بطريقة تخمير السكريات، وهي الطريقة المتبعة اليوم للحصول على حمض اللبن. الميزة الأهم في الطريقة الجديدة، الاستفادة من مادة خام غير مهمة والتي هي: الغليسيرول Glycerol.
منتج ثانوي من تشكيل الوقود الحيوي
يحول الوقود الحيوي الخام على مقدار معتبر من الغليسيرول (الطور الداكن في الأسفل) والذي يمكن استخدامه لتشكيل البلاستيك الحيوي. Photo: Bo Cheng / ETH Zurich
يحول الوقود الحيوي الخام على مقدار معتبر من الغليسيرول (الطور الداكن في الأسفل) والذي يمكن استخدامه لتشكيل البلاستيك الحيوي.
Photo: Bo Cheng / ETH Zurich
الغليسيرول هو منتج ثانوي من عملية تصنيع الجيل الأول من الوقود الحيوي، ولا يعتبر عال الجودة كونه يحوي بقايا من الميتانول والرماد. يقول مرتين موراليس Merten Moralis طالب الدكتوراه في التقانة البيئية والأمان وعضو فريق هانغلبور، أنه “لا أحد يعلم ماذا يمكن العمل بهذه الكمية من الغليسيرول”. تتراكم هذه المادة بشكل كبير وسوف تزداد كميتها عن 4 ميغا طن سنة 2020. كون الغليسيرول غير نقي، لن يكون مناسباً للصناعات الكيميائية أو الصيدلانية. أكثر من ذلك، لا يحترق الغليسيرول بالشكل المناسب الذي يجعله مصدراً معتمداً للوقود.
“في العادة، يتم إدخاله في وحدات تنقية المياه، لكن من أجل توفير النقود، وكونه ليس ساماً بشكل كبير، تقوم بعض الشركات بطرحه في الأنهار أو إطعامه للماشية. لكن هناك مخاوف من تأثيراته على الحيوانات”.
إنّ عملية جعل هذا المنتج الخام، لحمض اللبن، تشكل بالفعل تقدماً كبيراً والذي يجعل من الطريقة الجديدة صديقة للبيئة. في هذه الإجرائية، يحول الغليسيرول أنزيمياً لمركب وسطي يسمى ثنائي هيدروكسي الأسيتون Dihydrroxyacetone، والذي يتم معالجته لاحقاً للحصول على حمض اللبن باستخدام حفاز غير متجانس Heterogeneous catalyst.
حفاز بأداء عالٍ
صمم الباحثون من فريق البروفسور راميريز حفازاً بفعالية عالية وعمر مديد. هو الزيوليت Zeolite وهو معدن بداخله مسامات ميكروئية، حيث تسهل هذه البنية التفاعلات الكيميائية بداخل مساماته. سمح التعاون الوثيق بين المجموعتين البحثيتين بتحسين عمل الحفاز خطوة بخطوة وبنفس الوقت تقييم أداء زمن دورة العملية ككل. يقول بيير دابسنز Pierre Dapsens وهو طالب دكترواه في فريق راميريز: “بدون التقييم والمقارنة مع الطريقة التقليدية، سوف نكون سعيدين بوجود تصميم أولي للحفاز المستخدم في دراستنا، بدون أن نعرف إذا كان بالفعل صديقاً للبيئة مقارنة بطريقة التخمير”. من خلال تحسين عدة جوانب في تصميم الحفاز، أصبح الباحثون قادرين على تجاوز طريقة تخمير السكر من محورين هما البيئة والتوفير المالي.
غالباً ما يفضل في الصناعة الاعتماد على المصادر المتجددة. لكن تقول سيسيليا مونديلي Cecilia Mondelli العالمة في مجال هندسة الحفازات: “على أية حال، ستلاحظ أن تحويل العملية بأكملها –من المصدر الخام إلى المنتج النهائي متضمنة معالجة المياه-، إلى طريقة إنتاج متجددة، هي ليست بالضرورة أكثر تجدداً من الطريقة السابقة”.
إصدار أقل لغاز ثاني اوكسيد الكربون
عند الأخذ بعين الاعتبار الطاقة التي تم توفيرها، باستخدام المادة الخام الغليسيرول، ومع الإنتاجية المحسنة، تخفض الإجرائية الجديدة الإصدار الكلي لغاز ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 30% مقارنة بالتخمير: لإنتاج 1 كغ من حمض اللبن، يتم إصدار 6 كغ من غاز ثاني أوكسيد الكربون، بينما تصدر طريقة التخمير 7.5 كغ من ثاني أوكسيد الكربون. بتخفيض التكلفة الإجمالية لهذه الإجرائية، حسب الباحثون أن الربح هو 17 مرة ضعف الطريقة التقليدية. طبعاً يشير الباحثون أن هذه الحسابات هي في أفضل الحالات من أجل الغليسيرول عالي النقاوة.